يقول: وأما من صدّق الله منهم ووحدَّه، وعمل بطاعته، فله عند الله الـحسنى، وهي الـجنة، { جزاء } يعنـي ثوابـا علـى إيـمانه، وطاعته ربه.
وقد اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأته عامَّة قرّاء أهل الـمدينة وبعض أهل البصرة والكوفة: «فَلَهُ جَزَاءُ الـحُسْنَى» برفع الـجزاء وإضافته إلـى الـحسنى.
وإذا قرىء ذلك كذلك، فله وجهان من التأويـل:
أحدهما: أن يجعل الـحسنى مراداً بها إيـمانه وأعماله الصالـحة، فـيكون معنى الكلام إذا أريد بها ذلك: وإما من آمن وعمل صالـحاً فله جزاؤها، يعنـي جزاء هذه الأفعال الـحسنة.
والوجه الثانـي: أن يكون معنـيا بـالـحسنى: الـجنة، وأضيف الـجزاء إلـيها، كما قـيـل
{ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ } والدار: هي الآخرة، وكما قال: { { وَذلكَ دِينُ القَـيِّـمَة } والدين: هو القـيـم. وقرأ آخرون: { فَلَهُ جَزَاءً الـحُسْنى } بـمعنى: فله الـجنة جزاء فـيكون الـجزاء منصوبـاً علـى الـمصدر، بـمعنى: يجازيهم جزاء الـجنة.
وأولـى القراءتـين بـالصواب فـي ذلك عندي قراءة من قرأه: { فَلَهُ جَزاءً الـحُسْنَى } بنصب الـجزاء وتنوينه علـى الـمعنى الذي وصفت، من أن لهم الـجنة جزاء، فـيكون الـجزاء نصبـا علـى التفسير.
وقوله: { وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أمْرِنا يُسْراً } يقول: وسنعلـمه نـحن فـي الدنـيا ما تـيسر لنا تعلـيـمه مـما يقرّ به إلـى الله ويـلـين له من القول. وكان مـجاهداً يقول نـحواً مـما قلنا فـي ذلك.
حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى «ح» وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { مِنْ أمْرِنا يُسْراً } قال معروفـاً.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.