التفاسير

< >
عرض

أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَـٰكِنِ ٱلظَّالِمُونَ ٱلْيَوْمَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٣٨
-مريم

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالـى ذكره مخبراً عن حال الكافرين به، الـجاعلـين له أنداداً، والزاعمين أن له ولداً يوم ورودهم علـيه فـي الآخرة: لئن كانوا فـي الدنـيا عمياً عن إبصار الـحقّ، والنظر إلـى حجج الله التـي تدلّ علـى وحدانـيته، صماً عن سماع آي كتابه، وما دعتهم إلـيه رسل الله فـيها من الإقرار بتوحيده، وما بعث به أنبـياءه، فما أسمعهم يوم قدومهم علـى ربهم فـي الآخرة، وأبصرهم يومئذٍ حين لا ينفعهم الإبصار والسماع. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { أسْمِعْ بِهِمْ وأبْصِرْ } ذاك والله يوم القـيامة، سمعوا حين لا ينفعهم السمع، وأبصروا حين لا ينفعهم البصر.

حدثنا الـحسن، قال أخبرنا عبد الرّزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، فـي قوله { أسمِعْ بِهِمْ وأبْصرْ } قال: أسمعُ قومٍ وأبصرُهُم.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنا أبو سفـيان، عن معمر، عن قتادة، قال { أسمِعْ بِهِمْ وأبْصِرْ يَوْمَ يأْتُوننا } يوم القـيامة.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنـي حجاج، عن أبـي جعفر، عن الربـيع بن أنس، عن أبـي العالـية، قال: { أسمِعْ } بحديثهم الـيوم { وأبْصِرْ } كيف يصنع بهم { يَوْمَ يأْتُونَنا } حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { أسمِعْ بِهِمْ وأبْصِرْ يَوْمَ يأْتُونَنا } قال: هذا يوم القـيامة، فأما الدنـيا فلا، كانت علـى أبصارهم غشاوة، وفـي آذانهم وقر فـي الدنـيا فلـما كان يوم القـيامة أبصروا وسمعوا فلـم ينتفعوا، وقرأ: { رَبَّنا أبْصَرْنا وسَمِعْنا فـارْجِعْنا نَعْمَلَ صَالِـحاً إنا مُوقِنُونَ } .

وقوله: { لَكِنِ الظَّالِـمُونَ الـيَوْمَ فِـي ضَلالٍ مُبِـينٍ } يقول تعالـى ذكره: لكن الكافرون الذين أضافوا إلـيه ما لـيس من صفته، وافتروا علـيه الكذب الـيوم فـي الدنـيا، فـي ضلال مبـين يقول: فـي ذهاب عن سبـيـل الـحقّ، وأخذ علـى غير استقامة، مبـين أنه جائر عن طريق الرشد والهدى، لـمن تأمله وفكَّر فـيه، فهُدِي لرشده.