التفاسير

< >
عرض

ٱلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي ٱلْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُونِ يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ
١٩٧
-البقرة

جامع البيان في تفسير القرآن

يعنـي جل ثناؤه بذلك: وقت الـحجّ أشهر معلومات. «والأشهر» مرفوعات بـالـحجّ، وإن كان له وقتاً لا صفة ونعتاً، إذ لـم تكن مـحصورات بتعريف بإضافة إلـى معرفة أو معهود، فصار الرفع فـيهن كالرفع فـي قول العرب فـي نظير ذلك من الـمـحلّ «الـمسلـمون جانب والكفـار جانب»، برفع الـجانب الذي لـم يكن مـحصوراً علـى حدّ معروف، ولو قـيـل جانب أرضهم أو بلادهم لكان النصب هو الكلام.

ثم اختلف أهل التأويـل فـي قوله: { الـحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ } فقال بعضهم: يعنـي بـالأشهر الـمعلومات: شوّالاً، وذا القعدة، وعشراً من ذي الـحجة. ذكر من قال ذلك:

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا شريك، عن أبـي إسحاق، عن أبـي الأحوص، عن عبد الله قوله:{ الـحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ }قال: شوّال، وذو القعدة، وعشر ذي الـحجة.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفـيان وشريك، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عبـاس، مثله.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن خصيف، عن مقسم عن ابن عبـاس، مثله.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا إبراهيـم بن إسماعيـل بن نصر السلـمي، قال: ثنا إبراهيـم بن إسماعيـل بن أبـي حبـيبة، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عبـاس أنه قال: أشهر الـحجّ شوّال، وذو القعدة، وعشر من ذي الـحجة.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس قوله:{ الـحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ } وهنّ: شوّال، وذو القعدة، وعشر من ذي الـحجة، جعلهنّ الله سبحانه للـحجّ، وسائر الشهور للعمرة، فلا يصلـح أن يحرم أحد بـالـحجّ إلا فـي أشهر الـحجّ، والعمرة يحرم بها فـي كل شهر.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا الـحمانـي، قال: ثنا شريك، عن أبـي إسحاق، عن الضحاك، عن ابن عبـاس فـي قوله: { الـحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ } قال: شوّال، وذو القعدة، وعشر من ذي الـحجة.

حدثنا مـحمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن وأبو عامر قالا: ثنا سفـيان، وحدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري عن الـمغيرة، عن إبراهيـم، مثله.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبو عوانة، عن مغيرة، عن إبراهيـم والشعبـي مثله.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفـيان وإسرائيـل، عن مغيرة، عن إبراهيـم، مثله.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا إسرائيـل، عن جابر، عن عامر، مثله.

حدثنـي موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسبـاط، عن السدي، مثله.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله.

حدثنـي القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي هشيـم، قال: أخبرنا الـحجاج، عن الـحكم، عن مقسم، عن ابن عبـاس. وأخبرنا مغيرة، عن إبراهيـم والشعبـي. وأخبرنا يونس، عن الـحسن. وأخبرنا جويبر، عن الضحاك. وأخبرنا حجاج، عن عطاء ومـجاهد، مثله.

حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنا أبو الولـيد، قال: ثنا حماد، عن عبـيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: شوّال، وذو القعدة، وعشر ذي الـحجة فـي الـحجّ أشهر معلومات.

حدثنـي أحمد بن حازم، قال: ثنا أبو نعيـم، قال: ثنا ورقاء، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال:{ الـحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ } قال: شوّال، وذو القعدة، وعشر ذي الـحجة.

حدثنا أحمد بن حازم، قال: ثنا أبو نعيـم، قال: ثنا حسين بن عقـيـل، عن الضحاك، قال: شوّال، وذو القعدة، وعشر من ذي الـحجة.

حدثنـي الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا حسين بن عقـيـل الـخراسانـي، قال: سمعت الضحاك بن مزاحم يقول، فذكر مثله.

وقال آخرون: بل يعنـي بذلك شوّالاً، وذا القعدة، وذا الـحجة كله. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى بن سعيد، قال: ثنا ابن جريج، قال: قلت لنافع: أكان عبد الله يسمي أشهر الـحجّ؟ قال: نعم، شوّال، وذو القعدة، وذو الـحجة.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مـحمد بن بكر، قال: ثنا ابن جريج، قال: قلت لنافع: أسمعت ابن عمر يسمي أشهر الـحجّ؟ قال: نعم، كان يسمي شوّالاً، وذا القعدة، وذا الـحجة.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا شريك، عن إبراهيـم بن مهاجر، عن مـجاهد، عن ابن عمر، قال: شوّال، وذو القعدة، وذو الـحجة.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مـحمد بن بكر، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: قال عطاء: { الـحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ }، قال عطاء: فهي شوال، وذو القعدة، وذو الـحجة.

حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع، مثله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: { الـحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ } أشهر الـحج: شوال، وذو القعدة، وذو الـحجة. وربـما قال: وعشر ذي الـحجة.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله:{ الـحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ } قال: شوال، وذو القعدة، وذو الـحجة.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبـيه، مثله.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي اللـيث، قال: ثنـي عقـيـل، عن ابن شهاب، قال: أشهر الـحج: شوّال، وذو القعدة، وذو الـحجة.

فإن قال لنا قائل: وما وجه قائلـي هذه الـمقالة، وقد علـمت أن عمل الـحجّ لا يعمل بعد تقضي أيام منى؟ قـيـل: إن معنى ذلك غير الذي توهمته، وإنـما عنوا بقـيـلهم الـحج ثلاثة أشهر كوامل، أنهنّ الـحجّ لا أشهر العمرة، وأن شهور العمرة سواهن من شهور السنة. ومـما يدل علـى أن ذلك معناهم فـي قـيـلهم ذلك ما:

حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: ثنا ابن علـية، قال: أخبرنا أيوب، عن نافع، قال: قال ابن عمر: أن تفصلوا بـين أشهر الـحجّ والعمرة فتـجعلوا العمرة فـي غير أشهر الـحجّ، أتـمّ لـحجّ أحدكم وأتـمّ لعمرته.

حدثنـي نصر بن علـيّ الـجهضمي، قال: أخبرنـي أبـي، قال: ثنا شعبة، قال: ما لقـينـي أيوب أو قال: ما لقـيت أيوب إلا سألنـي عن حديث قـيس بن مسلـم، عن طارق بن شهاب، قال: قلت لعبد الله: امرأة منا قد حجت، أو هي تريد أن تـحجّ، أفتـجعل مع حجها عمرة؟ فقال: ما أرى هؤلاء إلا أشهر الـحجّ. قال: فـيقول لـي أيوب ومن عنده: مثل هذا الـحديث حدثك قـيس بن مسلـم عن طارق بن شهاب أنه سأل عبد الله.

حدثنـي يعقوب، قال: ثنا هشيـم، عن ابن عون، قال: سمعت القاسم بن مـحمد يقول: إن العمرة فـي أشهر الـحجّ لـيست بتامة. قال: فقـيـل له: العمرة فـي الـمـحرّم؟ فقال: كانوا لا يرونها تامة.

حدثنا عبد الـحميد بن بـيان، قال: أخبرنا إسحاق بن يوسف، عن ابن عون، قال: سألت القاسم بن مـحمد عن العمرة فـي أشهر الـحج، قال: كانوا لا يرونها تامة.

حدثنا ابن بـيان الواسطي، قال: أخبرنا إسحاق عن عبد الله بن عون، عن ابن سيرين أنه كان يستـحبّ العمرة فـي الـمـحرّم، قال: تكون فـي أشهر الـحجّ. قال: كانوا لا يرونها تامة.

حدثنا ابن بـيان، قال: ثنا إسحاق، عن ابن عون، عن مـحمد بن سيرين، قال: قال ابن عمر للـحكم بن الأعرج أو غيره: إن أطعتنـي انتظرت حتـى إذا أهلّ الـمـحرّم خرجت إلـى ذات عرق فأهللت منها بعمرة.

حدثنا ابن الـمثنى، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن أبـي يعقوب، قال: سمعت ابن عمر يقول: لأن أعتـمر فـي عشر ذي الـحجة أحبّ إلـيّ من أن أعتـمر فـي العشرين.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفـيان، عن قـيس بن مسلـم، عن طارق بن شهاب، قال: سألت ابن مسعود عن امرأة منا أرادت أن تـجمع مع حجها عمرة، فقال: أسمع الله يقول: { الـحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ } ما أراها إلا أشهر الـحجّ.

حدثنـي أحمد بن الـمقدام، قال: ثنا حزام القطعي، قال: سمعت مـحمد بن سيرين يقول: ما أحد من أهل العلـم شكّ أن عمرة فـي غير أشهر الـحجّ أفضل من عمرة فـي أشهر الـحجّ.

ونظائر ذلك مـما يطول بـاستـيعاب ذكره الكتاب، مـما يدلّ علـى أن معنى قـيـل من قال: وقت الـحجّ ثلاثة أشهر كوامل، أنهنّ من غير شهور العمرة، وأنهنّ شهور لعمل الـحجّ دون عمل العمرة، وإن كان عمل الـحجّ إنـما يعمل فـي بعضهنّ لا فـي جميعهن.

وأما الذين قالوا: تأويـل ذلك: شوّال، وذو القعدة، وعشر ذي الـحجة، فإنهم قالوا: إنـما قصد الله جل ثناؤه بقوله:{ الـحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ } إلـى تعريف خـلقه ميقات حجهم، لا الـخبر عن وقت العمرة.

قالوا: فأما العمرة، فإن السنة كلها وقت لها، لتظاهر الأخبـار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه اعتـمر فـي بعض شهور الـحجّ، ثم لـم يصحّ عنه بخلاف ذلك خبر.

قالوا: فإذا كان ذلك كذلك، وكان عمل الـحجّ ينقضي وقته بـانقضاء العاشر من أيام ذي الـحجة، علـم أن معنى قوله:{ الـحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ } إنـما هو ميقات الـحجّ شهران وبعض الثالث.

والصواب من القول فـي ذلك عندنا قول من قال: إن معنى ذلك الـحج شهران وعشر من الثالث لأن ذلك من الله خبر عن ميقات الـحجّ ولا عمل للـحج يعمل بعد انقضاء أيام منى، فمعلوم أنه لـم يعن بذلك جميع الشهر الثالث، وإذا لـم يكن معنـياً به جميعه صحّ قول من قال: وعشر ذي الـحجة.

فإن قال قائل: فكيف قـيـل:{ الـحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ } وهو شهران وبعض الثالث؟ قـيـل إن العرب لا تـمتنع خاصة فـي الأوقات من استعمال مثل ذلك، فتقول له الـيوم يومان منذ لـم أره. وإنـما تعنـي بذلك يوماً وبعض آخر، وكما قال جل ثناؤه: { فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ } [البقرة:203] وإنـما يتعجل فـي يوم ونصف. وقد يفعل الفـاعل منهم الفعل فـي الساعة، ثم يخرجه عاماً علـى السنة والشهر، فـيقول: زرته العام وأتـيته الـيوم، وهو لا يريد بذلك أن فعله أخذ من أول الوقت الذي ذكره إلـى آخره، ولكنه يعنـي أنه فعله إذ ذاك وفـي ذلك الـحين، فكذلك الـحجّ أشهر، والـمراد منه الـحجّ شهران وبعض آخر.

فمعنى الآية إذاً: ميقات حجكم أيها الناس شهران وبعض الثالث، وهو شوّال وذو القعدة وعشر ذي الـحجة.

القول فـي تأويـل قوله تعالـى:{ فَمَنْ فَرَضَ فِـيهِنَّ الـحَجّ }.

يعنـي بقوله جل ثناؤه:{ فَمَنْ فَرَضَ فِـيهِنَّ الـحَجّ } فمن أوجب الـحجّ علـى نفسه وألزمها إياه فـيهن، يعنـي فـي الأشهر الـمعلومات التـي بـينها. وإيجابه إياه علـى نفسه العزم علـى عمل جميع ما أوجب الله علـى الـحاجّ عمله وترك جميع ما أمره الله بتركه.

وقد اختلف أهل التأويـل فـي الـمعنى الذي يكون به الرجل فـارضاً الـحجّ بعد إجماع جميعهم، علـى أن معنى الفرض: الإيجاب والإلزام، فقال بعضهم: فرض الـحجّ الإهلال. ذكر من قال ذلك:

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا ورقاء، عن عبد الله الـمدنـي بن دينار، عن ابن عمر قوله:{ فَمَنْ فَرَضَ فِـيهِنَّ الـحَجّ } قال: من أهلّ بحج.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، وحدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن العلاء بن الـمسيب، عن عطاء، قال: التلبـية.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، وحدثنا علـيّ، قال: ثنا زيد جميعاً، عن سفـيان الثوري:{ فَمَنْ فَرَضَ فِـيهِنَّ الـحَجّ } قال: فـالفريضة الإحرام، والإحرام: التلبـية.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا الـحمانـي، قال: ثنا شريك، عن إبراهيـم، يعنـي ابن مهاجر، عن مـجاهد:{ فَمَنْ فَرَضَ فِـيهِنَّ الـحَجّ } قال: الفريضة: التلبـية.

حدثنا أحمد بن حازم، قال: ثنا ورقاء عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر:{ فَمَنْ فَرَضَ فِـيهِنَّ الـحَجّ } قال: أهلّ.

حدثنـي أحمد بن حازم، قال: ثنا أبو نعيـم، قال: ثنا شريك، عن مغيرة، عن إبراهيـم، قال: الفرض التلبـية، ويرجع إن شاء ما لـم يحرم.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد:{ فَمَنْ فَرَضَ فِـيهِنَّ الـحَجّ } قال: الفرض: الإهلال.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبـيه:{ فَمَنْ فَرَضَ فِـيهِنَّ الـحَجّ } قال: التلبـية.

حدثنا إبراهيـم بن عبد الله بن مسلـم، قال: ثنا أبو عمرو الضرير، قال: أخبرنا حماد بن سلـمة، عن جبر بن حبـيب، قال: سألت القاسم بن مـحمد عمن فرض فـيهنّ الـحج، قال: إذا اغتسلت ولبست ثوبك ولبـيت، فقد فرضت الـحج.

وقال آخرون: فرض الـحج إحرامه. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو صالـح، قال: حدثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس:{ فَمَنْ فَرَضَ فِـيهِنَّ الـحَجّ } يقول: من أحرم بحجّ أو عمرة.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، وحدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، وحدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو نعيـم، قالوا جميعاً: ثنا سفـيان، عن مغيرة، عن إبراهيـم: { فَمَنْ فَرَضَ فِـيهِنَّ الـحَجّ } قال: فمن أحرم. واللفظ لـحديث ابن بشار.

حدثنا أحمد، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا شريك والـحسن بن صالـح، عن لـيث، عن عطاء، قال: الفرض: الإحرام.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنا هشيـم، قال: أخبرنا الـحجاج، عن عطاء وبعض أشياخنا عن الـحسن فـي قوله:{ فَمَنْ فَرَضَ فِـيهِنَّ الـحَجّ } قالا: فرض الـحجّ: الإحرام.

حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة:{ فَمَنْ فَرَضَ فِـيهِنَّ الـحَجّ } فهذا عند الإحرام.

حدثنا أحمد بن حازم، قال: ثنا أبو نعيـم، قال: ثنا حسين بن عقـيـل، عن الضحاك، عن ابن عبـاس: قال: الفرض: الإحرام.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا حسين بن عقـيـل الـخراسانـي، قال: سمعت الضحاك بن مزاحم يقول، فذكر مثله.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، قال: أخبرنا الـمغيرة، عن إبراهيـم:{ فَمَنْ فَرَضَ فِـيهِنَّ الـحَجّ } قال: من أحرم.

وهذا القول الثانـي يحتـمل أن يكون بـمعنى ما قلنا من أن يكون الإحرام كان عند قائله الإيجاب بـالعزم.

ويحتـمل أن يكون كان عنده بـالعزم والتلبـية، كما قال القائلون القول الأول.

وإنـما قلنا: إن فرض الـحجّ الإحرام لإجماع الـجميع علـى ذلك. وقلنا: إن الإحرام هو إيجاب الرجل ما يـلزم الـمـحرم أن يوجبه علـى نفسه، علـى ما وصفنا آنفـاً، لأنه لا يخـلو القول فـي ذلك من أحد أمور ثلاثة: إما أن يكون الرجل غير مـحرم إلا بـالتلبـية وفعل جميع ما يجب علـى الـموجب الإحرام علـى نفسه فعله، فإن يكن ذلك كذلك، فقد يجب أن لا يكون مـحرماً إلا بـالتـجرّد للإحرام، وأن يكون من لـم يكن له متـجرّداً فغير مـحرم. وفـي إجماع الـجميع علـى أنه قد يكون مـحرماً وإن لـم يكن متـجرّداً من ثـيابه بإيجابه الإحرام ما يدل علـى أنه قد يكون مـحرماً وإن لـم يـلبّ، إذ كانت التلبـية بعض مشاعر الإحرام، كما التـجرّد له بعض مشاعره. وفـي إجماعهم علـى أنه قد يكون مـحرماً بترك بعض مشاعر حجه ما يدلّ علـى أن حكم غيره من مشاعره حكمه. أو يكون إذ فسد هذا القول قد يكون مـحرماً وإن لـم يـلبّ ولـم يتـجرّد ولـم يعزم العزم الذي وصفنا. وفـي إجماع الـجميع علـى أنه لا يكون مـحرماً من لـم يعزم علـى الإحرام ويوجبه علـى نفسه إذا كان من أهل التكلـيف ما ينبىء عن فساد هذا القول، وإذ فسد هذان الوجهان فبـينة صحة الوجه الثالث، وهو أن الرجل قد يكون مـحرماً بإيجابه الإحرام بعزمه علـى سبـيـل ما بـينا، وإن لـم يظهر ذلك بـالتـجرّد والتلبـية وصنـيع بعض ما علـيه عمله من مناسكه. وإذا صحّ ذلك صحّ ما قلنا من أن فرض الـحجّ هو ما قُرن إيجابه بـالعزم علـى نـحو ما بـينا قبل.

القول فـي تأويـل قوله تعالـى:{ فَلا رَفَثَ }.

اختلف أهل التأويـل فـي معنى الرفث فـي هذا الـموضع، فقال بعضهم: هو الإفحاش للـمرأة فـي الكلام، وذلك بأن يقول: إذا حللنا فعلت بك كذا وكذا لا يكنـي عنه، وما أشبه ذلك. ذكر من قال ذلك:

حدثنا أحمد بن حماد الدولابـي ويونس. قالا: ثنا سفـيان، عن ابن طاوس، عن أبـيه، قال: سألت ابن عبـاس عن الرفث فـي قول الله:{ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ } قال: هو التعريض بذكر الـجماع، وهي العِرابة من كلام العرب، وهو أدنى الرفث.

حدثنـي يعقوب، قال: ثنا ابن علـية، عن روح بن القاسم، عن ابن طاوس فـي قوله:{ فَلا رَفَثَ } قال: الرفث: العِرَابة والتعريض للنساء بـالـجماع.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن أبـي عديّ، عن عون، قال: ثنا زياد بن حصين، قال: ثنـي أبـي حصين بن قـيس، قال: أصعدت مع ابن عبـاس فـي الـحاج، وكنت له خـلـيلاً، فلـما كان بعدما أحرمنا قال ابن عبـاس، فأخذ بذنب بعيره، فجعل يـلويه، وهو يرتـجز ويقول:

وَهُنَّ يَـمْشِينَ بِنا هَمِيسَاإنْ تَصْدُقِ الطَّيْرُ نَنِكْ لَـمِيسَا

قال: فقلت: أترفث وأنت مـحرم؟ قال: إنـما الرفث ما قـيـل عند النساء.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مـحمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن رجل، عن أبـي العالـية الرياحي، عن ابن عبـاس أنه كان يحدو وهو مـحرم، ويقول:

وَهُنَّ يَـمْشِينَ بِنا هَميسَاإنْ تَصْدِقِ الطَّيْرُ نَنِكْ لَـمِيسَا

قال: قلت: تتكلـم بـالرفث وأنت مـحرم؟ قال: إنـما الرفث ما قـيـل عند النساء.

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي يونس أن نافعاً أخبره أن عبد الله بن عمر كان يقول: الرفث: إتـيان النساء والتكلـم بذلك للرجال والنساء إذا ذكروا ذلك بأفواههم.

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي أبو صخر، عن مـحمد بن كعب القرظي، مثله.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: قلت لعطاء: أيحلّ للـمـحرم أن يقول لامرأته: إذا حللت أصبتك؟ قال: لا، ذاك الرفث. قال: وقال عطاء: الرفث ما دون الـجماع.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنـي مـحمد بن بكر، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: قال عطاء: الرفث: الـجماع وما دونه من قول الفحش.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن أبـي زائدة، عن ابن جريج، قال: قلت لعطاء: قول الرجل لامرأته: إذا حللت أصبتك، قال: ذاك الرفث.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن الأعمش، عن زياد بن حصين، عن أبـي العالـية، قال: كنت أمشي مع ابن عبـاس وهو مـحرم، وهو يرتـجز ويقول:

وَهُنْ يَـمْشِينَ بِنا هَمِيسَاإنْ تَصْدُقِ الطَّيْرُنَنِكْ لَـمِيسَا

قال: قلت: أترفث يا ابن عبـاس وأنت مـحرم؟ قال: إنـما الرفث ما روجع به النساء.

حدثنا عمرو بن علـيّ، قال: ثنا سفـيان ويحيى بن سعيد، عن ابن جريج، قال: أخبرنا ابن الزبـير السبـائي وعطاء، أنه سمع طاوساً قال: سمعت ابن الزبـير يقول: لا يحلّ للـمـحرم الإعرابة. فذكرته لابن عبـاس، فقال: صدق. قلت لابن عبـاس: وما الإعراب؟ قال: التعريض.

حدثنا عمرو بن علـيّ، قال: حدثنا يحيى، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرنـي الـحسن بن مسلـم، عن طاوس أنه كان يقول: لا يحلّ للـمـحرم الإعرابة. قال طاوس: والإعرابة: أن يقول وهو مـحرم: إذا حللت أصبتك.

حدثنـي أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا فطر، عن زياد بن حصين، عن أبـي العالـية، قال: لا يكون رفث إلا ما واجهت به النساء.

حدثنا ابن بشار، ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفـيان، عن علقمة بن مرثد، عن عطاء قال: كانوا يكرهون الإعرابة يعنـي التعريض بذكر الـجماع وهو مـحرم.

حدثنا عمرو بن علـيّ، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن ابن طاوس أنه سمع أبـاه أنه كان يقول: لا تـحلّ الإعرابة، والإعرابة: التعريض.

حدثنا عمرو بن علـيّ، قال: ثنا سفـيان بن عيـينة، عن ابن طاوس، عن أبـيه، قال: سألت ابن عبـاس عن قول الله تعالـى: { فَلا رَفَثَ }قال: الرفث الذي ذكر ههنا لـيس بـالرفث الذي ذكر فـي: { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمْ } [البقرة: 187] ومن الرفث: التعريض بذكر الـجماع، وهي الإعراب بكلام العرب.

حدثنا عمرو بن علـيّ، قال: ثنا أبو معاوية: قال: ثنا ابن جريج، عن عطاء: أنه كره التعريب للـمـحرم.

حدثنا عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، قال: أخبرنـي ابن طاوس أن أبـاه كان يقول: الرفث: الإعرابة مـما رواه من شأن النساء، والإعرابة: الإيضاح بـالـجماع.

حدثنا عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، قال: ثنا الـحسن بن مسلـم أنه سمع طاوسا يقول: لا يحلّ للـمـحرم الإعرابة.

حدثنـي علـيّ بن داود، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس:{ فَلا رَفَثَ }قال: الرفث: غشيان النساء والقُبَل والغَمْز، وأن يعرّض لها بـالفحش من الكلام ونـحو ذلك.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن منصور، عن مـجاهد قال: كان ابن عمر يقول للـحادي: لا تعرّض بذكر النساء.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر وابن جريج، عن ابن طاوس عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قال: الرفث فـي الصيام: الـجماع، والرفث فـي الـحجّ: الإعرابة، وكان يقول: الدخول والـمسيس: الـجماع.

وقال آخرون: الرفث فـي هذا الـموضع: الـجماع نفسه. ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا سفـيان بن عيـينة، عن خصيف، عن مقسم، قال: الرفث: الـجماع.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن خصيف، عن مقسم، عن ابن عبـاس، مثله.

حدثنا عبد الـحميد بن بـيان، قال: أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن خصيف، عن مقسم، عن ابن عبـاس قال: الرفث: إتـيان النساء.

حدثنا عبد الـحميد قال: أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن أبـي إسحاق، عن التـميـمي، قال: سألت ابن عبـاس عن الرفث، فقال: الـجماع.

حدثنا عبد الـحميد، قال: ثنا إسحاق، عن سفـيان، عن عاصم الأحول، عن بكر بن عبد الله، عن ابن عبـاس قال: الرفث: هو الـجماع، ولكن الله كريـم يكنـي عما شاء.

حدثنا عبد الـحميد، قال: أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن الأعمش، عن زياد بن حصين، عن أبـي العالـية قال: سمعت ابن عبـاس يرتـجز وهو مـحرم، يقول:

خَرَجْنَ يَسْرينَ بِنا هَمِيسَاإنْ تَصْدُقِ الطَّيْرُ نَنِكْ لَـمِيسَا

قال شريك: إلا أنه لـم يكن عن الـجماع لـميساً. فقلت: ألـيس هذا الرفث؟ قال: لا إنـما الرفث: إتـيان النساء والـمـجامعة.

حدثنا عبد الـحميد، قال: أخبرنا إسحاق، عن عون، عن زياد بن حصين، عن أبـي العالـية، عن ابن عبـاس بنـحوه، إلا أن عوناً صرّح به.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفـيان، عن عاصم، عن بكر، عن ابن عبـاس، قال: الرفث: الـجماع.

حدثنا عبد الـحميد، قال: ثنا إسحاق، عن شريك، عن أبـي إسحاق، عن أبـي الأحوص، عن عبد الله قوله:{ فَلا رَفَثَ } قال: الرفث: إتـيان النساء.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا حماد بن مسعدة، قال: ثنا عوف، عن الـحسن فـي قوله:{ فَلا رَفَثَ } قال: الرفث: غشيان النساء.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مـحمد بن بكر، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: قال عمرو بن دينار الرفث: الـجماع فما دونه من شأن النساء.

حدثنا عبد الـحميد، قال: أخبرنا إسحاق، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار بنـحوه.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن أبـي زائدة، عن عبد الـملك بن أبـي سلـيـمان، عن عطاء فـي قوله: { فَلا رَفَثَ } قال: الرفث: الـجماع.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن عبد العزيز بن رفـيع، عن مـجاهد:{ فَلا رَفَثَ } قال: الرفث: الـجماع.

حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: ثنا ابن علـية، عن سعيد، عن قتادة فـي قوله: { فَلا رَفَثَ } قال: كان قتادة يقول: الرفث: غشيان النساء.

حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة، مثله.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: أخبرنا إسرائيـل، عن أبـي إسحاق، عن الضحاك، عن ابن عبـاس، قال: الرفث: الـجماع.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: أخبرنا إسرائيـل، عن الـحسن بن عبـيد الله، عن أبـي الضحى، عن ابن عبـاس، قال: الرفث: الـجماع.

حدثنا أحمد، ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفـيان، عن لـيث، عن مـجاهد، قال: الرفث: الـجماع.

حدثنا أحمد، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيـل، عن سالـم، عن سعيد بن جبـير، قال: الرفث: الـمـجامعة.

حدثنـي موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسبـاط، عن السدي: فَلا رَفَثَ فلا جماع.

حدثت عن عمار بن الـحسن، قال: ثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع:{ فَلا رَفَثَ } قال: الرفث: الـجماع.

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد:{ فَلا رَفَثَ } قال: جماع النساء.

حدثنا الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا مـحمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الـمغيرة، عن إبراهيـم فـي قوله:{ فَلا رَفَثَ } قال: الرفث: الـجماع.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا الـحجاج بن الـمنهال، قال: ثنا حماد، عن الـحجاج، عن عطاء بن أبـي ربـاح، قال: الرفث: الـجماع.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن مـحمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، قال: الرفث: الـجماع.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن يحيى بن بشر، عن عكرمة قال: الرفث: الـجماع.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن النضر بن عربـي، عن عكرمة، قال: الرفث: الـجماع.

حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن حسين بن عقـيـل. وحدثنـي أحمد بن حازم، قال: ثنا أبو نعيـم. وحدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قالا: أخبرنا حسين بن عقـيـل، عن الضحاك، قال: الرفث: الـجماع.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنا هشيـم، قال: أخبرنا حجاج، عن عطاء، عن ابن عبـاس، مثله. قال: وأخبرنا عبد الـملك، عن عطاء، مثله.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنا هشيـم، قال: أخبرنا يونس، عن الـحسن، وأخبرنا مغيرة، عن إبراهيـم قالا: مثل ذلك.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، وأخبرنا مغيرة، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.

حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس قال: الرفث: النكاح.

حدثنا أحمد بن حازم قال: ثنا أبو نعيـم، قال: ثنا إسرائيـل، قال: ثنـي ثوير، قال: سمعت ابن عمر يقول الرفث: الـجماع.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: الرفث: غشيان النساء. قال معمر: وقال مثل ذلك الزهري عن قتادة.

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: الرفث: إتـيان النساء، وقرأ: { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمْ } .

[البقرة: 187] حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مـجاهد فـي قوله:{ فَلا رَفَثَ } قال: الرفث: الـجماع.

حدثنا ابن حميد، ثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيـم، مثله.

والصواب من القول فـي ذلك عندي أن الله جل ثناؤه نهى من فرض الـحجّ فـي أشهر الـحجّ عن الرفث، فقال: { فَمَنْ فَرَضَ فِـيهِنَّ الـحَجَّ فَلا رَفَثَ }. والرفث فـي كلام العرب: أصله الإفحاش فـي الـمنطق علـى ما قد بـينا فـيـما مضى، ثم تستعمله فـي الكناية عن الـجماع. فإذ كان ذلك كذلك، وكان أهل العلـم مختلفـين فـي تأويـله، وفـي هذا النهي من الله عن بعض معانـي الرفث أم عن جميع معانـيه، وجب أن يكون علـى جميع معانـيه، إذ لـم يأت خبر بخصوص الرفث الذي هو بـالـمنطق عند النساء من سائر معانـي الرفث يجب التسلـيـم له، إذ كان غير جائز نقل حكم ظاهر آية إلـى تأويـل بـاطن إلا بحجة ثابتة.

فإن قال قائل: إن حكمها من عموم ظاهرها إلـى البـاطن من تأويـلها منقول بإجماع، وذلك أن الـجميع لا خلاف بـينهم فـي أن الرفث عند غير النساء غير مـحظور علـى مـحرم، فكان معلوما بذلك أن الآية معنـيّ بها بعض الرفث دون بعض. وإذا كان ذلك كذلك، وجب أن لا يحرِّم من معانـي الرفث علـى الـمـحرم شيء إلا ما أجمع علـى تـحريـمه علـيه، أو قامت بتـحريـمه حجة يجب التسلـيـم لها. قـيـل: إن ما خصّ من الآية فأبـيح خارج من التـحريـم، والـحظر ثابت لـجميع ما لـم تـخصصه الـحجة من معنى الرفث بـالآية، كالذي كان علـيه حكمه لو لـم يخصّ منه شيء، لأن ما خصّ من ذلك وأخرج من عمومه إنـما لزمنا إخراج حكمه من الـحظر بأمر من لا يجوز خلاف أمره، فكان حكم ما شمله معنى الآية بعد الذي خصّ منها علـى الـحكم الذي كان يـلزم العبـاد فرضه بها لو لـم يخصص منها شيء لأن العلة فـيـما لـم يخصص منها بعد الذي خصّ منها نظير العلة فـيه قبل أن يخصّ منها شيء.

القول فـي تأويـل قوله تعالـى:{ وَلا فُسُوقَ }.

اختلف أهل التأويـل فـي معنى الفسوق التـي نهى الله عنها فـي هذا الـموضع، فقال بعضهم: هي الـمعاصي كلها. ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا سفـيان بن عيـينة، عن خصيف، عن مقسم، عن ابن عبـاس، قال الفسوق: الـمعاصي.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن أبـي زائدة، عن عبد الـملك بن أبـي سلـيـمان، عن عطاء:{ وَلا فُسُوقَ } قال: الفسوق: الـمعاصي.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنـي مـحمد بن بكر، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: قال عطاء: الفسوق: الـمعاصي كلها، قال الله تعالـى: { وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ } [البقرة: 282].

حدثنا عبد الـحميد بن بـيان، قال: ثنا إسحاق، عن ابن جريج، عن عطاء، مثله.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا حماد بن مسعدة، قال: ثنا عوف، عن الـحسن فـي قوله: { وَلا فُسُوقَ } قال: الفسوق: الـمعاصي.

حدثنا عبد الـحميد بن بـيان، قال: ثنا إسحاق، عن ابن جريج، عن ابن طاوس، عن أبـيه، قال: الفسوق: الـمعصية.

حدثنا عبد الـحميد، قال: ثنا إسحاق، عن أبـي بشر، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: الفسوق: الـمعاصي كلها.

حدثنـي يعقوب قال: أخبرنا ابن عيـينة، عن روح بن القاسم، عن ابن طاوس، عن أبـيه فـي قوله:{ وَلا فُسُوقَ } قال: الفسوق: الـمعاصي.

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي أبو صخر، عن مـحمد بن كعب القرظي فـي قوله:{ وَلا فُسُوقَ } قال: الفسوق: الـمعاصي.

حدثنـي يعقوب، قال: ثنا ابن علـية، وحدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد جميعا، عن سعيد بن أبـي عروبة، عن قتادة: { وَلا فُسُوقَ } قال: الفسوق: الـمعاصي.

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { وَلا فُسُوقَ } قال: الـمعاصي.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، ثنا شبل، عن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيـل، عن سالـم، عن سعيد بن جبـير، قال: الفسوق: الـمعاصي. قال: وقال مـجاهد مثل قول سعيد.

حدثنا أحمد، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفـيان، عن لـيث، عن مـجاهد، قال: الفسوق: الـمعاصي.

حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس قوله: { وَلا فُسُوقَ } قال: الفسوق: عصيان الله.

حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنا مـحمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الـمغيرة، عن إبراهيـم فـي قوله:{ وَلا فُسُوقَ } قال: الفسوق: الـمعاصي.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا الـحجاج بن الـمنهال، قال: ثنا حماد، عن الـحجاج، عن عطاء بن أبـي ربـاح، قال: الفسوق: الـمعاصي.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري وقتادة وابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنا هشيـم، قال: أخبرنا الـحجاج، عن عطاء، عن ابن عبـاس:{ وَلا فُسُوقَ } قال: الـمعاصي. قال: وأخبرنا عبد الـملك، عن عطاء، مثله.

حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع، مثله.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن النضر بن عربـي، عن عكرمة، مثله.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن يحيى بن بشر، عن عكرمة قال: الفسوق: معصية الله، لا صغير من معصية الله.

حدثنـي علـيّ بن داود، قال: ثنا عبد الله بن صالـح، قال: ثنا معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس:{ وَلا فُسُوقَ } قال: الفسوق: معاصي الله كلها.

حدثنـي الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبـيه، وعن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: الفسوق: الـمعاصي. وقال مثل ذلك الزهري وقتادة.

وقال آخرون: بل الفسوق فـي هذا الـموضع ما عصي الله به فـي الإحرام مـما نهى عنه فـيه من قتل صيد وأخذ شعر وقلـم ظفر، وما أشبه ذلك مـما خصّ الله به الإحرام وأمر بـالتـجنب منه فـي خلال الإحرام. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي يونس أن نافعا أخبره أن عبد الله بن عمر كان يقول: الفسوق: إتـيان معاصي الله فـي الـحرم.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن مـحمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، قال: الفسوق: ما أصيب من معاصي الله به، صيد أو غيره.

وقال آخرون: بل الفسوق فـي هذا الـموضع: السبـاب. ذكر من قال ذلك:

حدثنا عبد الـحميد بن بـيان، قال: أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن إبراهيـم بن مهاجر، عن مـجاهد، عن ابن عمر، قال: الفسوق: السبـاب.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيـل، عن أبـي إسحاق، عن الضحاك، عن ابن عبـاس، قال: الفسوق: السبـاب.

حدثنـي أحمد بن حازم الغفـاري، قال: ثنا أبو نعيـم، قال: ثنا إسرائيـل، قال: ثنا ثوير، قال: سمعت ابن عمر يقول: الفسوق: السبـاب.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام عن عمرو، عن عبد العزيز بن رفـيع، عن مـجاهد:{ وَلا فُسُوقَ } قال: الفسوق: السبـاب.

حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسبـاط، عن السدي فـي قوله:{ وَلا فُسُوقَ } قال: أما الفسوق: فهو السبـاب.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا الـمعلـى بن أسد، قال: ثنا خالد، عن الـمغيرة، عن إبراهيـم، قال: الفسوق: السبـاب.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا معلـى، قال: ثنا عبد العزيز، عن موسى بن عقبة، قال: سمعت عطاء بن يسار يحدّث نـحوه.

حدثنا القاسم، قال: ثنـي الـحسين، قال: ثنا هشيـم، قال: أخبرنا يونس، عن الـحسن، قال: وأخبرنا مغيرة، عن إبراهيـم قالا: الفسوق: السبـاب.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن خصيف، عن مقسم، عن ابن عبـاس، قال: الفسوق: السبـاب.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مـجاهد فـي قوله:{ وَلا فُسُوقَ } قال: الفسوق: السبـاب.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور عن إبراهيـم، مثله.

وقال آخرون: الفسوق: الذبح للأصنام. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي الفسوق: الذبح للأنصاب، وقرأ: { { أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ } [الأنعام: 145] فقطع ذلك أيضاً قطع الذبح للأنصاب بـالنبـيّ صلى الله عليه وسلم حين حجّ فعلَّـم أَمته الـمناسك.

وقال آخرون: الفسوق: التنابز بـالألقاب. ذكر من قال ذلك:

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا حسين بن عقـيـل، قال: سمعت الضحاك بن مزاحم يقول، فذكر مثله.

وأولـى الأقوال التـي ذكرنا بتأويـل الآية فـي ذلك، قول من قال: معنى قوله:{ وَلا فُسُوقَ } النهي عن معصية الله فـي إصابة الصيد وفعل ما نهى الله الـمـحرم عن فعله فـي حال إحرامه وذلك أن الله جل ثناؤه قال:{ فَمَنْ فَرَضَ فِـيهِنَّ الـحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ } يعنـي بذلك فلا يرفث، ولا يفسق: أي لا يفعل ما نهاه الله عن فعله فـي حال إحرامه، ولا يخرج عن طاعة الله فـي إحرامه. وقد علـمنا أن الله جل ثناؤه قد حرّم معاصيَه علـى كل أحد، مـحرماً كان أو غير مـحرم، وكذلك حرّم التنابز بـالألقاب فـي حال الإحرام وغيرها بقوله: { { وَلاَ تَلْمِزُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلأَلْقَابِ } [الحجرات: 11] وحرم علـى الـمسلـم سبـاب أخيه فـي كل حال فرض الـحجّ أو لـم يفرضه. فإذ كان ذلك كذلك، فلا شك أن الذي نهى الله عنه العبد من الفسوق فـي حال إحرامه وفرضه الـحجّ هو ما لـم يكن فسوقاً فـي حال إحلاله وقبل إحرامه بحجه كما أن الرفث الذي نهاه عنه فـي حال فرضه الـحجّ، هو الذي كان له مطلقاً قبل إحرامه لأنه لا معنى لأن يقال فـيـما قد حرّم الله علـى خـلقه فـي كل الأحوال: لا يفعلنّ أحدكم فـي حال الإحرام ما هو حرام علـيه فعله فـي كل حال، لأن خصوص حال الإحرام به لا وجه له وقد عمّ به جميع الأحوال من الإحلال والإحرام. فإذ كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الذي نهى عنه الـمـحرم من الفسوق فخصّ به حال إحرامه، وقـيـل له: «إذا فرضت الـحجّ فلا تفعله»، هو الذي كان له مطلقاً قبل حال فرضه الـحجّ، وذلك هو ما وصفنا وذكرنا أن الله جل ثناؤه خصّ بـالنهي عنه الـمـحرم فـي حال إحرامه مـما نهاه عنه من الطيب واللبـاس والـحلق وقصّ الأظفـار وقتل الصيد، وسائر ما خصّ الله بـالنهي عنه الـمـحرم فـي حال إحرامه.

فتأويـل الآية إذًا: فمن فرض الـحجّ فـي أشهر الـحجّ فأحرم فـيهنّ. فلا يرفث عند النساء فـيصرّح لهنّ بجماعهن، ولا يجامعهن، ولا يفسق بإتـيان ما نهاه الله فـي حال إحرامه بحجه، من قتل صيد، وأخذ شعر، وقلـم ظفر، وغير ذلك مـما حرّم الله علـيه فعله وهو مـحرم.

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ }.

اختلف أهل التأويـل فـي ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: النهي عن أن يجادل الـمـحرم أحداً.

ثم اختلف قائلو هذا القول، فقال بعضهم: نهى عن أن يجادل صاحبه حتـى يغضبه. ذكر من قال ذلك:

حدثنا عبد الـحميد بن بـيان، قال: أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن أبـي إسحاق، عن أبـي الأحوص، عن عبد الله: وَلا جِدالَ فِـي الـحَجّ قال: أن تـماري صاحبك حتـى تغضبه.

حدثنا عبد الـحميد، قال: ثنا إسحاق، عن شريك، عن أبـي إسحاق، عن التـميـمي، قال: سألت ابن عبـاس، عن الـجدال، فقال: أن تـماري صاحبك حتـى تغضبه.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن عيـينة، عن خصيف، عن مقسم، عن ابن عبـاس، قال: الـجدال أن تـماري صاحبك حتـى تغضبه.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن أبـي زائدة، عن عبد الـملك بن أبـي سلـيـمان، عن عطاء، قال: الـجدال: أن يـماري الرجل أخاه حتـى يغضبه.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن سالـم الأفطس، عن سعيد بن جبـير:{ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ } قال: أن تَـمْـحَنَ صاحبك حتـى تغضبه.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا هارون، عن عمرو، عن شعيب بن خالد، عن سلـمة بن كهيـل، قال: سألت مـجاهدا عن قوله: { وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ } قال: أن تـماري صاحبك حتـى تغضبه.

حدثنا عبد الـحميد بن بـيان، قال: ثنا إسحاق، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، قال: الـجدال: هو أن تـماري صاحبك حتـى تغضبه.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا حماد بن مسعدة، قال: ثنا عوف، عن الـحسن، قال: الـجدال: الـمراء.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيـل، عن أبـي إسحاق، عن الضحاك، عن ابن عبـاس، قال: الـجدال: أن تـجادل صاحبك حتـى تغضبه.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيـل، عن سالـم، عن سعيد بن جبـير، قال: الـجدال: أن تصخب علـى صاحبك.

حدثنا أحمد، قال: ثنا أبو أحمد، عن سفـيان، عن منصور، عن مـجاهد:{ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ } قال: الـمراء.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، وحدثنـي أحمد بن حازم، قال: ثنا أبو نعيـم، قالا: ثنا حسين بن عقـيـل، عن الضحاك، قال: الـجدال: أن تـماري صاحبك حتـى تغضبه.

حدثنا أحمد بن حازم، قال: ثنا أبو نعيـم، قال: ثنا واقد الـخـلقانـي، عن عطاء، قال: أما الـجدال: فتـماري صاحبك حتـى تغضبه.

حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع، قال: الـجدال: الـمراء، أن تـماري صاحبك حتـى تغضبه.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا الـمعلـى بن أسد، قال: ثنا خالد، عن الـمغيرة، عن إبراهيـم قال: الـجدال: الـمراء.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا الـمعلـى، قال: ثنا عبد العزيز، عن موسى بن عقبة، قال: سمعت عطاء بن يسار يحدّث نـحوه.

حدثنـي ابن الـمثنى، قال: ثنا مـحمد بن أبـي جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الـمغيرة، عن إبراهيـم بـمثله.

حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا الـحجاج بن الـمنهال، قال: ثنا حماد، عن الـحجاج، عن عطاء بن أبـي ربـاح، قال: الـجدال: أن يـماري بعضهم بعضاً حتـى يغضبوا.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن يحيى بن بشر، عن عكرمة:{ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ }الـجدال: الغضب، أن تغضب علـيك مسلـماً، إلا أن تستعتب مـملوكاً فتعظه من غير أن تغضبه، ولا أمْر علـيك إن شاء الله تعالـى فـي ذلك.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنـي أبـي، عن النضر بن عربـي، عن عكرمة، قال: الـجدال: أن تـماري صاحبك حتـى يغضبك أو تغضبه.

حدثنا الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري وقتادة قالا: الـجدال: هو الصخب والـمراء وأنت مـحرم.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مـحمد بن بكر، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: قال عطاء: الـجدال: ما أغضب صاحبك من الـجدل.

حدثنـي علـيّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس:{ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ } قال: الـجدال: الـمراء والـملاحاة حتـى تغضب أخاك وصاحبك، فنهى الله عن ذلك.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن خصيف، عن مقسم عن ابن عبـاس، قال: الـجدال: أن تـماري صاحبك حتـى تغضبه.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن منصور، عن إبراهيـم، قال: الـجدال: الـمراء.

حدثنا الـحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري وقتادة قالا: هو الصخب والـمراء وأنت مـحرم.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيـم:{ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ } كانوا يكرهون الـجدال.

وقال آخرون منهم: الـجدال فـي هذا الـموضع معناه: السبـاب. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي يونس أن نافعاً أخبره أن عبد الله بن عمر كان يقول: الـجدال فـي الـحجّ: السبـاب والـمراء والـخصومات.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن مـحمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، قال: الـجدال: السبـاب والـمنازعة.

حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس قال: الـجدال: السبـاب.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، وحدثنـي يعقوب، قال: ثنا ابن علـية جميعاً، عن سعيد، عن قتادة، قال: الـجدال: السبـاب.

وقال آخرون منهم: بل عنى بذلك خاصاً من الـجدال والـمراء، وإنـما عنى الاختلاف فـيـمن هو أتـمّ حجًّا من الـحجّاج. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي أبو صخر، عن مـحمد بن كعب القرظي، قال: الـجدال: كانت قريش إذا اجتـمعت بـمنى قال هؤلاء: حجنا أتـمّ من حجكم، وقال هؤلاء: حجنا أتـمّ من حجكم.

وقال آخرون منهم: بل ذلك اختلاف كان يكون بـينهم فـي الـيوم الذي فـيه الـحجّ، فنهوا عن ذلك. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا الـحجاج، قال: ثنا حماد، عن جبـير بن حبـيب، عن القاسم بن مـحمد أنه قال: الـجدال فـي الـحجّ أن يقول بعضهم: الـحجّ الـيوم، ويقول بعضهم: الـحج غداً.

وقال آخرون: بل اختلافهم ذلك فـي أمر مواقـف الـحجّ أيهم الـمصيب موقـف إبراهيـم. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله:{ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ } قال: كانوا يقـفون مواقـف مختلفة يتـجادلون، كلهم يدّعي أن موقـفه موقـف إبراهيـم. فقطعه الله حين أعلـم نبـيه صلى الله عليه وسلم بـمناسكهم.

وقال آخرون: بل قوله جل ثناؤه:{ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ } خبر من الله تعالـى عن استقامة وقت الـحجّ علـى ميقات واحد لا يتقدمه ولا يتأخره، وبطول فعل النسيء. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفـيان، عن عبد العزيز بن رفـيع، عن مـجاهد فـي قوله:{ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ }قال: قد استقام الـحجّ ولا جدال فـيه.

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: أخبرنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد{ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ } قال: لا شهر ينسأ، ولا شك فـي الـحجّ قد بـين، كانوا يسقطون الـمـحرم ثم يقولون صفران لصفر وشهر ربـيع الأول، ثم يقولون شهراً ربـيع لشهر ربـيع الآخر وجمادى الأولـى، ثم يقولون جماديان لـجمادى الآخرة ولرجب، ثم يقولون لشعبـان رجب، ثم يقولون لرمضان شعبـان، ثم يقولون لشوّال رمضان، ويقولون لذي القعدة شوّال، ثم يقولون لذي الـحجة ذا القعدة، ثم يقولون للـمـحرّم ذا الـحجة، فـيحجون فـي الـمـحرّم ثم يأتنفون، فـيحسبون علـى ذلك عدة مستقبلة علـى وجه ما ابتدءوا، فـيقولون الـمـحرّم وصفر وشهراً ربـيع، فـيحجون فـي الـمـحرّم لـيحجوا فـي كل سنة مرّتـين، فـيسقطون شهراً آخر، فـيعدون علـى العدة الأولـى، فـيقولون صفران وشهرا ربـيع نـحو عدتهم فـي أول ما أسقطوا.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد نـحوه.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: صاحب النسيء الذي ينسأ لهم أبو ثمامة رجل من بنـي كنانة.

حدثنا عبد الـحميد بن بـيان، قال: أخبرنا ابن إسحاق، عن أبـي بشر، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ } قال: لا شبهة فـي الـحجّ قد بـين الله أمر الـحجّ.

حدثنـي موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسبـاط، عن السدي{ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ }قال: قد استقام أمر الـحجّ فلا تـجادلوا فـيه.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد:{ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ } قال: لا شهر ينسأ، ولا شك فـي الـحجّ قد بُـيِّن.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن أبـي زائدة، عن العلاء بن عبد الكريـم، عن مـجاهد:{ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ } قال: قد علـم وقت الـحجّ فلا جدال فـيه، ولا شك.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفـيان، عن عبد العزيز والعلاء، عن مـجاهد، قال: هو شهر معلوم لا تنازع فـيه.

حدثنا أحمد، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيـل، عن سالـم، عن مـجاهد:{ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ }قال: لا شكّ فـي الـحج.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنا هشيـم، قال: أخبرنا حجاج، عن عطاء، عن ابن عبـاس:{ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ } قال: الـمراء بـالـحجّ.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد:{ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ } فقد تبـين الـحجّ. قال: كانوا يحجون وفـي ذي الـحجة عامين، وفـي الـمـحرّم عامين، ثم حجوا فـي صفر عامين، وكانوا يحجون فـي كل سنة فـي كل شهر عامين، ثم وافقت حجة أبـي بكر من العامين فـي ذي القعدة قبل حجة النبـيّ صلى الله عليه وسلم بسنة، ثم حجّ النبـيّ صلى الله عليه وسلم من قابل فـي ذي الـحجة فذلك حين يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ الزّمانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَةِ يَوْمَ خَـلَقَ اللَّهُ السّمَوَاتِ وَالأرْضَ" .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مـجاهد فـي قوله:{ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ } قال: بـين الله أمر الـحجّ ومعالـمه فلـيس فـيه كلام.

وأولـى هذه الأقوال فـي قوله{ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ } بـالصواب، قول من قال: معنى ذلك: قد بطل الـجدال فـي الحجّ ووقته، واستقام أمره ووقته على وقت واحد، ومناسك متفقة غير مختلفة، ولا تنازع فـيه ولا مراء وذلك أن الله تعالـى ذكره أخبر أن وقت الـحجّ أشهر معلومات، ثم نفـى عن وقته الاختلاف الذي كانت الـجاهلـية فـي شركها تـختلف فـيه.

وإنـما اخترنا هذا التأويـل فـي ذلك ورأيناه أولـى بـالصواب مـما خالفه لـما قد قدمنا من البـيان آنفـا فـي تأويـل قوله:{ وَلا فُسُوقَ } أنه غير جائز أن يكون الله خصّ بـالنهي عنه فـي تلك الـحال إلا ما هو مطلق مبـاح فـي الـحال التـي يخالفها، وهي حال الإحلال وذلك أن حكم ما خصّ به من ذلك حكم حال الإحرام إن كان سواء فـيه حال الإحرام وحال الإحلال، فلا وجه لـخصوصه به حالاً دون حال، وقد عمّ به جميع الأحوال. وإذ كان ذلك كذلك، وكان لا معنى لقول القائل فـي تأويـل قوله:{ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ } أن تأويـله: لا تـمار صاحبك حتـى تغضبه، إلا أحد معنـيـين: إما أن يكون أراد لا تـماره ببـاطل حتـى تغضبه. فذلك ما لا وجه له، لأن الله عز وجل قد نهي عن الـمراء بـالبـاطل فـي كل حال مـحرماً كان الـمـماري أو مـحلاًّ، فلا وجه لـخصوص حال الإحرام بـالنهي عنه لاستواء حال الإحرام والإحلال فـي نهى الله عنه. أو يكون أراد: لا تـماره بـالـحق، وذلك أيضاً ما لا وجه له لأن الـمـحرم لو رأى رجلاً يروم فـاحشة كان الواجب علـيه مراءه فـي دفعه عنها، أو رآه يحاول ظلـمه والذهاب منه بحقّ له قد غصبه علـيه كان علـيه مراؤه فـيه وجداله حتـى يتـخـلصه منه. والـجدال والـمراء لا يكون بـين الناس إلا من أحد وجهين: إما من قبل ظلـم، وإما من قبل حق، فإذا كان من أحد وجهيه غير جائز فعله بحال، ومن الوجه الآخر غير جائز تركه بحال، فأيّ وجوهه التـي خصّ بـالنهي عنه حال الإحرام؟ وكذلك لا وجه لقول من تأوّل ذلك أنه بـمعنى السبـاب، لأن الله تعالـى ذكره قد نهى الـمؤمنـين بعضهم عن سبـاب بعض علـى لسان رسوله علـيه الصلاة والسلام فـي كل حال، فقال صلى الله عليه وسلم: "سبـاب الـمُسْلِـمِ فُسُوقٌ، وَقِتالُهُ كُفْرٌ" فإذا كان الـمسلـم عن سبّ الـمسلـم منهياً فـي كل حال من أحواله، مـحرماً كان أو غير مـحرم، فلا وجه لأن يقال: لا تسبه فـي حال الإحرام إذا أحرمت.

وفـيـما رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الـخبر الذي:

حدثنا به مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنـي وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن سيار، عن أبـي حازم، عن أبـي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مِنْ حَجَّ هَذَا البَـيْتَ فَلَـمْ يَرْفُثْ وَلْـم يَفْسُقْ خَرَجَ مِثْلَ يَوْمَ وَلَدتَهْ أُمُّهُ"

حدثنـي علـيّ بن سهل، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا شعبة، عن سيار، عن أبـي حازم، عن أبـي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَجَّ هَذَا البَـيْتَ فَلـمْ يَرْفُثْ وَلـمْ يُفْسُقْ، خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"

حدثنا أحمد بن الولـيد، قال: ثنا مـحمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سيار، عن أبـي حازم، عن أبي هريرة عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم، مثل حديث ابن المثنى، عن وهب بن جرير.

حدثنـي ابن الـمثنى، قال: ثنا مـحمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن أبـي حازم، عن أبـي هريرة، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم، مثله أيضاً.

حدثنا ابن الـمثنى، قال: ثنا أبو الولـيد، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرنـي منصور، قال: سمعت أبـا حازم يحدّث عن أبـي هريرة، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم، نـحوه.

حدثنا تـميـم بن الـمنتصر، قال: أخبرنا إسحاق، قال: أخبرنا مـحمد بن عبـيد الله، عن الأعمش، عن أبـي حازم، عن أبـي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَجّ هَذَا البَـيْتَ فَلَـمْ يَرْفُثْ وَلـمْ يَفْسُقْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع وأبو أسامة، عن سفـيان، عن منصور، عن أبـي حازم، عن أبـي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله، إلا أنه قال: " رَجَعَ كمَا وَلدَتهُ أمُّهُ" حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو أسامة، عن شعبة، عن سيار، عن أبـي حازم، عن أبـي هريرة، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نـحوه، إلا أنه قال: " رَجَعَ إلـى أهْلِه مِثْلَ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أمُّهُ" .

حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: ثنا يحيى بن أبـي كثـير، عن إبراهيـم بن طهمان، عن منصور، عن هلال بن يسار، عن أبـي حازم، عن أبـي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكر نـحوه، إلا أنه قال: "رَجَعَ إلـى أهْلِهِ مِثْلَ يَوْمَ وَلَدتْهُ أُمُّهُ" .

حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا يحيى بن أبـي كثـير، عن إبراهيـم بن طهمان، عن منصور عن هلال بن يسار، عن أبـي حازم، عن أبـي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَجَّ هَذَا البَـيْتَ" يعنـي الكعبة "فَلَـمْ يَرْفُثْ وَلْـم يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمَ وَلَدتْهُ أُمُّهُ" .

حدثنا الفضل بن الصبـاح، قال: ثنا هشيـم بن بشير، عن سيار، عن أبـي حازم، عن أبـي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَـمْ يَرْفُثْ وَلـمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَهَيْئَةِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" .

دلالة واضحة علـى أن قوله:{ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ } بـمعنى النفـي عن الـحجّ بأن يكون فـي وقته جدال ومراء دون النهي عن جدال الناس بـينهم فـيـما يعنـيهم من الأمور أو لا يعنـيهم. وذلك أنه صلى الله عليه وسلم أخبر أنه من حجّ فلـم يرفث ولـم يفسق استـحقّ من الله الكرامة ما وصف أنه استـحقه بحجه تاركاً للرفث والفسوق اللذين نهى الله الـحاجّ عنهما فـي حجه من غير أن يضمّ إلـيهما الـجدال.

فلو كان الـجدال الذي ذكره الله فـي قوله:{ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ } مـما نهاه الله عنه بهذه الآية، علـى نـحو الذي تأوّل ذلك من تأوله من أنه الـمراء والـخصومات أو السبـاب وما أشبه ذلك، لـما كان صلى الله عليه وسلم لـيخصّ بـاستـحقاق الكرامة التـي ذكر أنه يستـحقها الـحاج الذي وصف أمره بـاجتناب خـلتـين مـما نهاه الله عنه فـي حجه دون الثالثة التـي هي مقرونة بهما.

ولكن لـما كان معنى الثالثة مخالفـاً معنى صاحبتـيها فـي أنها خبر علـى الـمعنى الذي وصفنا، وأن الأخريـين بـمعنى النهي الذي أخبر النبـيّ صلى الله عليه وسلم أن مـجتنبهما فـي حجه مستوجب ما وصف من إكرام الله إياه مـما أخبر أنه مكرمه به إذا كانتا بـمعنى النهي، وكان الـمنتهي عنهما لله مطيعاً بـانتهائه عنهما، وترك ذلك الثالثة إذا لـم تكن فـي معناهما، وكانت مخالفة سبـيـلها سبـيـلهما.

فإذا كان ذلك كذلك، فـالذي هو أولـى بـالقراءة من القراءات الـمخالفة بـين إعراب الـجدال وإعراب الرفث والفسوق، لـيعلـم سامع ذلك إذا كان من أهل الفهم بـاللغات أن الذي من أجله خولف بـين إعرابـيهما اختلاف معنـيـيهما، وإن كان صوابـا قراءة جميع ذلك بـاتفـاق إعرابه علـى اختلاف معانـيه، إذ كانت العرب قد تُتبع بعض الكلام بعضاً بإعراب مع اختلاف الـمعانـي، وخاصة فـي هذا النوع من الكلام. فأعجب القراءات إلـيّ فـي ذلك إذ كان الأمر علـى ما وصفت، قراءة من قرأ «فَلا رَفَثٌ وَلا فُسُوقٌ وَلا جِدَالَ فِـي الـحَجّ» برفع الرفث والفسوق وتنوينهما، وفتـح الـجدال بغير تنوين. وذلك هو قراءة جماعة البصريـين وكثـير من أهل مكة، منهم عبد الله بن كثـير وأبو عمرو بن العلاء.

وأما قول من قال: معناه النهي عن اختلاف الـمختلفـين فـي أتـمهم حجا، والقائلـين معناه: النهي عن قول القائل: غدا الـحجّ، مخالفـا به قول الآخر: الـيوم الـحجّ، فقولٌ فـي حكايته الكفـاية عن الاستشهاد علـى وهائه وضعفه، وذلك أنه قول لا تدرك صحته إلا بخبر مستفـيض وخبر صادق يوجب العلـم أن ذلك كان كذلك، فنزلت الآية بـالنهي عنه. أو أن معنى ذلك فـي بعض معانـي الـجدال دون بعض، ولا خبر بذلك بـالصفة التي وصفنا.

وأما دلالتنا علـى قول ما قلنا من أنه نفـيٌ من الله جل وعز عن شهور الـحج، الاختلاف الذي كانت الـجاهلـية تـختلف فـيها بـينها قبل كما وصفنا.

وأما دلالتنا علـى أن الـجاهلـية كانت تفعل ذلك فـالـخبر الـمستفـيض فـي أهل الأخبـار أن الـجاهلـية كانت تفعل ذلك مع دلالة قول الله تقدس اسمه: { إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ زِيَادَةٌ فِي ٱلْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً } [التوبة: 37].

القول فـي تأويـل قوله تعالـى:{ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَـمْهُ اللَّهُ }.

يعنـي بذلك جل ثناؤه: افعلوا أيها الـمؤمنون ما أمرتكم به فـي حجكم من إتـمام مناسككم فـيه، وأداء فرضكم الواجب علـيكم فـي إحرامكم، وتـجنب ما أمرتكم بتـجنبه من الرفث والفسوق فـي حجكم لتستوجبوا به الثواب الـجزيـل، فإنكم مهما تفعلوا من ذلك وغيره من خير وعمل صالـح ابتغاء مرضاتـي وطلب ثوابـي، فأنا به عالـم ولـجميعه مـحص حتـى أوفـيكم أجره وأجازيكم علـيه، فإنـي لا تـخفـى علـيّ خافـية ولا ينكتـم عنـي ما أردتـم بأعمالكم، لأنـي مطلع علـى سرائركم وعالـم بضمائر نفوسكم.

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَتَزوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى }.

ذكر أن هذه الآية نزلت فـي قوم كانوا يحجون بغير زاد، وكان بعضهم إذا أحرم رمى بـما معه من الزاد واستأنف غيره من الأزودة، فأمر الله جل ثناؤه من لـم يكن يتزوّد منهم بـالتزوّد لسفره، ومن كان منهم ذا زاد أن يتـحفظ بزاده فلا يرمي به. ذكر الأخبـار التـي رويت فـي ذلك:

حدثنـي الـحسين بن علـي الصدائي، قال: ثنا عمرو بن عبد الغفـار، قال: ثنا مـحمد بن سوقة، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كانوا إذا أحرموا ومعهم أزودة رموا بها واستأنفوا زادا آخر، فأنزل الله:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّاد التَّقْوَى } فنهوا عن ذلك وأمروا أن يتزودوا الكعك والدقـيق والسويق.

حدثنا مـحمد بن عبد الله الـمخزومي، قال: ثنا شبـابة، قال: ثنا ورقاء، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة عن ابن عبـاس، قال: كانوا يحجون ولا يتزوّدون، فنزلت:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى }.

حدثنا عمرو بن علـيّ، قال: ثنا سفـيان، عن ابن سوقة، عن سعيد بن جبـير فـي قوله:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى }، قال: الكعك والزيت.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن ابن عيـينة، عن ابن سوقة، عن سعيد بن جبـير، قال: هو الكعك والسويق.

حدثنا عمرو، قال: ثنا سفـيان بن عيـينة، عن عمرو، عن عكرمة، قال: كان أناس يحجون، ولا يتزوّدون، فأنزل الله:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى }.

حدثنا عمرو، قال: ثنا سفـيان بن عيـينة، قال: ثنا عبد الـملك بن عطاء كوفـي لنا.

وحدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن ابن عيـينة، عن عبد الـملك، عن الشعبـي فـي قوله:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } قال: التـمر والسويق.

حدثنا عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا حنظلة، قال: سئل سالـم عن زاد الـحاج، فقال: الـخبز واللـحم والتـمر. قال عمرو: وسمعت أبـا عاصم مرة يقول: ثنا حنظلة سئل سالـم عن زاد الـحاج، فقال الـخبز والتـمر.

حدثنا عمرو، قال: ثنا ابن أبـي عديّ، عن هشيـم، عن الـمغيرة، عن إبراهيـم، قال: كان ناس من الأعراب يحجون بغير زاد ويقولون: نتوكل علـى الله، فأنزل الله جل ثناؤه:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى }.

حدثنا عبد الـحميد بن بـيان، قال: أخبرنا إسحاق، عن عمر بن ذر، عن مـجاهد، قال: كان الـحاج منهم لا يتزوّد، فأنزل الله:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى }.

حدثنا عمرو، قال: ثنا يحيى عن عمر بن ذر وحدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا عمر بن ذر، عن مـجاهد قال: كانوا يسافرون ولا يتزوّدون، فنزلت:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى }. وقال الـحسن بن يحيى فـي حديثه: كانوا يحجون ولا يتزوّدون.

حدثنـي نصر بن عبد الرحمن الأودي، قال: ثنا الـمـحاربـي، عن عمر بن ذر، عن مـجاهد نـحوه.

حدثنا يعقوب بن إبراهيـم، قال: ثنا هشيـم، قال: أخبرنا عمر بن ذر، قال: سمعت مـجاهداً يحدث فذكر نـحوه.

حدثنا عبد الـحميد بن بـيان، قال: أخبرنا إسحاق، عن أبـي بشر، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد قال: كان أهل الآفـاق يخرجون إلـى الـحجّ يتوصلون بـالناس بغير زاد، يقولون: نـحن متكلون فأنزل الله:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى }.

حدثنا مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قول الله عز وجل:{ وَتَزَوَّدُوا } قال: كان أهل الآفـاق يخرجون إلـى الـحجّ يتوصلون بـالناس بغير زاد، فأمروا أن يتزوّدوا.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } قال: كان أهل الـيـمن يتوصلون بـالناس، فأمروا أن يتزوّدوا ولا يستـمتعوا قال: وخير الزاد التقوى.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عنبسة، عن لـيث، عن مـجاهد: { وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } قال: كانوا لا يتزوّدون، فأمروا بـالزاد، وخير الزاد التقوى.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } فكان الـحسن يقول: إن ناساً من أهل الـيـمن كانوا يحجون ويسافرون، ولا يتزوّدون، فأمرهم الله بـالنفقة والزاد فـي سبـيـل الله، ثم أنبأهم أن خير الزاد التقوى.

حدثنـي يعقوب، قال: ثنا ابن علـية، عن سعيد بن أبـي عروبة فـي قوله:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } قال: قال قتادة: كان ناس من أهل الـيـمن يحجون ولا يتزودون، ثم ذكر نـحو حديث بشر عن يزيد.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } كان ناس من أهل الـيـمن يخرجون بغير زاد إلـى مكة، فأمرهم الله أن يتزوّدوا، وأخبرهم أن خير الزاد التقوى.

حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس قوله:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } قال: كان ناس يخرجون من أهلـيهم لـيست معهم أزودة يقولون: نـحجّ بـيت الله ولا يطعمنا؟ فقال الله: تزوّدوا ما يكفّ وجوهكم عن الناس.

حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع قوله:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } فكان ناس من أهل الـيـمن يحجون ولا يتزوّدون، فأمرهم الله أن يتزوّدوا، وأنبأ أن خير الزاد التقوى.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو نعيـم، قال: ثنا سفـيان، عن مـحمد بن سوقة، عن سعيد بن جبـير: { وَتَزَوَّدُوا } قال: السويق والدقـيق والكعك.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن سفـيان، عن مـحمد بن سوقة، عن سعيد بن جبـير:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } قال: الـخُشْكنانـج والسويق.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن عبد الـملك بن عطاء البكالـي، قال: سمعت الشعبـي يقول فـي قوله:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } قال: هو الطعام، وكان يومئذٍ الطعم قلـيلاً. قال: قلت: وما الطعام؟ قال: التـمر والسويق.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق قال: ثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك قوله:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } وخير زاد الدنـيا الـمنفعة من اللبـاس والطعام والشراب.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيـم: { وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } قال: كان ناس يتزوّدون إلـى عُقْبة، فإذا انتهوا إلـى تلك العقبة توكلوا ولـم يتزوّدوا.

حدثنـي نصر بن عبد الرحمن الأودي، قال: ثنا الـمـحاربـي، قال: قال سفـيان فـي قوله:{ وَتَزَوَّدوا } قال: أمروا بـالسويق والكعك.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنـي أبـي أنه سمع عكرمة يقول فـي قوله:{ وَتَزَودُوا } قال: هو السويق والدقـيق.

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } قال: كانت قبـائل من العرب يحرّمون الزاد إذا خرجوا حجاجاً وعماراً لأن يتضيفوا الناس، فقال الله تبـارك وتعالـى لهم:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى }.

حدثنا عمرو بن عبد الـحميد الآملـي، قال: ثنا سفـيان عن عمرو، عن عكرمة، قال: كان الناس يقدمون مكة بغير زاد، فأنزل الله:{ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى }.

فتأويـل الآية إذا: فمن فرض فـي أشهر الـحجّ الـحجّ فأحرم فـيهنّ فلا يرفثن ولا يفسقن، فإن أمر الـحجّ قد استقام لكم، وعرَّفكم ربكم ميقاته وحدوده. فـاتقوا الله فـيـما أمركم به ونهاكم عنه من أمر حجكم ومناسككم، فإنكم مهما تفعلوا من خير أمركم به أو ندبكم إلـيه يعلـمه. وتزوّدوا من أقواتكم ما فـيه بلاغكم إلـى أداء فرض ربكم علـيكم فـي حجكم ومناسككم، فإنه لا برّ لله جل ثناؤه فـي ترككم التزوّد لأنفسكم ومسألتكم الناس ولا فـي تضيـيع أقواتكم وإفسادها، ولكن البرّ فـي تقوى ربكم بـاجتناب ما نهاكم عنه فـي سفركم لـحجكم وفعل ما أمركم به، فإنه خير التزوّد، فمنه تزوّدوا.

وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك رُوي الـخبر عن الضحاك بن مزاحم.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك فـي قوله: { وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } قال: والتقوى عمل بطاعة الله.

وقد بـينا معنى التقوى فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته.

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَاتَّقُون يا أُولـي الألْبـاب }.

يعنـي بذلك جل ثناؤه: واتقون يا أَهل العقول والأفهام بأداء فرائضي علـيكم التـي أوجبتها علـيكم فـي حجكم ومناسككم وغير ذلك من دينـي الذي شرعته لكم، وخافوا عقابـي بـاجتناب مـحارمي التـي حرمتها علـيكم تنـجوا بذلك مـما تـخافون من غضبـي علـيكم وعقابـي، وتدركوا ما تطلبون من الفوز بجناتـي. وخصّ جل ذكره بـالـخطاب بذلك أولـي الألبـاب، لأنهم أهل التـميـيز بـين الـحق والبـاطل، وأهل الفكر الصحيح والـمعرفة بحقائق الأشياء التـي بـالعقول تدرك وبـالألبـاب تفهم، ولـم يجعل لغيرهم من أهل الـجهل فـي الـخطاب بذلك حظاً، إذ كانوا أشبـاحاً كالأنعام، وصورا كالبهائم، بل هم منها أضلّ سبـيلاً. والألبـاب: جمع لبّ، وهو العقل.