التفاسير

< >
عرض

يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً
٣٢
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ وَآتِينَ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً
٣٣
-الأحزاب

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالـى ذكره لأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم: { يا نِساءَ النَّبِـيّ لَسْتُنَّ كأحَدٍ مِنَ النِّساءِ } من نساء هذه الأمة { إنِ اتَّقَـيْتُنَّ الله } فأطعتنه فـيـما أمركنّ ونهاكنّ، كما:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { يا نِساءَ النَّبِـيّ لَسْتُنَّ كأحَدٍ مِنَ النِّساءِ } يعنـي من نساء هذه الأمة.

وقوله: { فَلا تَـخْضَعْنَ بـالقَوْلِ } يقول: فلا تلنّ بـالقول للرجال فـيـما يبتغيه أهل الفـاحشة منكنّ. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { يا نِساءَ النَّبِـيّ لَسْتُنَّ كأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إنِ اتَّقَـيْتُنَّ فَلا تَـخْضَعْنَ بـالقَوْلِ } يقول: لا ترخصن بـالقول، ولا تـخضعن بـالكلام.

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { فَلا تَـخْضَعْنَ بـالقَوْلِ } قال: خضع القول ما يكره من قول النساء للرجال مـما يدخـل فـي قلوب الرجال.

وقوله: { فَـيَطْمَعَ الَّذِي فِـي قَلْبِهِ مَرَضٌ } يقول: فـيطمع الذي فـي قلبه ضعف فهو لضعف إيـمانه فـي قلبه، إما شاكّ فـي الإسلام منافق، فهو لذلك من أمره يستـخفّ بحدود الله، وإما متهاون بإتـيان الفواحش.

وقد اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك، فقال بعضهم: إنـما وصفه بأن فـي قلبه مرضاً، لأنه منافق. ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { فَـيَطْمَعَ الَّذِي فِـي قَلْبِه مَرَضٌ } قال: نفـاق.

وقال آخرون: بل وصفه بذلك لأنهم يشتهون إتـيان الفواحش. ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد عن قتادة { فَـيَطْمَعَ الَّذِي فِـي قَلْبِهِ مَرَضٌ } قال: قال عكرمة: شهوة الزنا.

وقوله: { وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفـاً } يقول: وقلن قولاً قد أذن الله لكم به وأبـاحه. كما:

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفـاً } قال: قولاً جميلاً حسناً معروفـاً فـي الـخير.

واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: { وَقَرْنَ فِـي بُـيُوتِكُنَّ } فقرأته عامة قرّاء الـمدينة وبعض الكوفـيـين: { وَقَرْنَ } بفتـح القاف، بـمعنى: واقررن فـي بـيوتكنّ، وكأن من قرأ ذلك كذلك حذف الراء الأولـى من اقررن، وهي مفتوحة، ثم نقلها إلـى القاف، كما قـيـل: { { فَظَلْتُـمْ تَفَكَّهُونَ } وهو يريد فظللتـم، فأسقطت اللام الأولـى وهي مكسورة، ثم نُقلت كسرتها إلـى الظاء. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة: «وَقِرْنَ» بكسر القاف، بـمعنى: كنّ أهل وقار وسكينة { فِـي بُـيُوتِكُنَّ }.

وهذه القراءة وهي الكسر فـي القاف أَولـى عندنا بـالصواب، لأن ذلك إن كان من الوقار علـى ما اخترنا، فلا شكّ أن القراءة بكسر القاف، لأنه يقال: وقر فلان فـي منزله فهو يقر وقوراً، فتكسر القاف فـي تفعل فإذا أمر منه قـيـل: قرّ، كما يقال من وزن: يزن زن، ومن وَعد: يعِد عِد. وإن كان من القرار، فإن الوجه أن يقال: اقررن، لأن من قال من العرب: ظلت أفعل كذا، وأحست بكذا، فأسقط عين الفعل، وحوّل حركتها إلـى فـائه فـي فعل وفعلنا وفعلتـم، لـم يفعل ذلك فـي الأمر والنهِي، فلا يقول: ظلّ قائماً، ولا تظلّ قائماً، فلـيس الذي اعتلّ به من اعتلّ لصحة القراءة بفتـح القاف فـي ذلك يقول العرب فـي ظللت وأحسست ظلت، وأحست بعلة توجب صحته لـما وصفت من العلة. وقد حكى بعضهم عن بعض الأعراب سماعاً منه: ينـحطن من الـجبل، وهو يريد: ينـحططن. فإن يكن ذلك صحيحاً، فهو أقرب إلـى أن يكون حجة لأهل هذه القراءة من الـحجة الأخرى.

وقوله: { وَلا تَبَرَّجْنَ تُبرُّجَ الـجاهِلِـيَّةِ الأُولـى } قـيـل: إن التبرّج فـي هذا الـموضع التبخْتُر والتكسُّر. ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَلا تَبرَّجْنَ تَبرُّجَ الـجاهِلِـيَّةِ الأُولـى }: أي إذا خرجتن من بـيوتكنّ قال: كانت لهن مشية وتكسُّر وتغنُّـج، يعنـي بذلك الـجاهلـية الأولـى فنهاهنّ الله عن ذلك.

حدثنـي يعقوب، قال: ثنا ابن علـية، قال: سمعت ابن أبـي نـجيح، يقول فـي قوله: { وَلا تَبَرَّجْنَ تَبرُّجَ الـجاهِلِـيَّةِ الأُولـى } قال: التبختر. وقـيـل: إن التبرّج هو إظهار الزينة، وإبراز الـمرأة مـحاسنها للرجال.

وأما قوله: { تَبرُّجَ الـجاهِلِـيَّةِ الأُولـى } فإن أهل التأويـل اختلفوا فـي الـجاهلـية الأولـى، فقال بعضهم: ذلك ما بـين عيسى ومـحمد علـيهما السلام. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن زكريا، عن عامر { وَلا تَبرَّجْنَ تَبرُّجَ الـجاهِلِـيَّةِ الأُولـى } قال: الـجاهلـية الأولـى: ما بـين عيسى ومـحمد علـيهما السلام.

وقال آخرون: ذلك ما بـين آدم ونوح. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عيـينة، عن أبـيه، عن الـحكم { وَلا تَبرَّجْنَ تَبرُّجَ الـجاهِلِـيَّةِ الأُولـى } قال: وكان بـين آدم ونوح ثمان مائة سنة، فكان نساؤهم من أقبح ما يكون من النساء، ورجالهم حسان، فكانت الـمرأة تريد الرجل علـى نفسه، فأنزلت هذه الآية: { وَلا تَبرَّجْنَ تَبرُّجَ الـجاهِلِـيَّةِ الأُولـى }.

وقال آخرون: بل ذلك بـين نوح وإدريس. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي ابن زهير، قال: ثنا موسى بن إسماعيـل، قال: ثنا داود، يعنـي ابن أبـي الفرات، قال: ثنا علبـاء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عبـاس، قال: تلا هذه الآية: { وَلا تَبرَّجْنَ تَبرُّجَ الـجاهِلِـيَّةِ الأُولـى } قال: كان فـيـما بـين نوح وإدريس، وكانت ألف سنة وإن بطنـين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل، والآخر يسكن الـجبل، وكان رجال الـجبل صبـاحاً، وفـي النساء دمامة، وكان نساء السهل صبـاحاً، وفـي الرجال دمامة، وإن إبلـيس أتـى رجلاً من أهل السهل فـي صورة غلام، فأجر نفسه منه، وكان يخدمه، واتـخذ إبلـيس شيئاً مثل ذلك الذي يزمر فـيه الرّعاء، فجاء فـيه بصوت لـم يسمع مثله، فبلغ ذلك من حولهم، فـانتابوهم يسمعون إلـيه، واتـخذوا عيداً يجتـمعون إلـيه فـي السنة، فتتبرّج الرجال للنساء. قال: ويتزين النساء للرجال، وإن رجلاً من أهل الـجبل هجم علـيهم وهم فـي عيدهم ذلك، فرأى النساء، فأتـى أصحابه فأخبرهم بذلك، فتـحوّلوا إلـيهنّ، فنزلوا معهنّ، فظهرت الفـاحشة فـيهنّ، فهو قول الله: { وَلا تَبرَّجْنَ تَبرُّجَ الـجاهِلِـيَّةِ الأُولـى }.

وأَولـى الأقوال فـي ذلك عندي بـالصواب أن يقال: إن الله تعالـى ذكره نهى نساء النبـيّ أن يتبرّجن تبرّج الـجاهلـية الأولـى، وجائز أن يكون ذلك ما بـين آدم وعيسى، فـيكون معنى ذلك: ولا تبرّجن تبرّج الـجاهلـية الأولـى التـي قبل الإسلام.

فإن قال قائل: أَوَ فـي الإسلام جاهلـية حتـى يقال: عنى بقوله { الـجاهِلِـيَّةِ الأولـى } التـي قبل الإسلام؟ قـيـل: فـيه أخلاقٌ من أخلاق الـجاهلـية. كما:

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { وَلا تَبرَّجْنَ تَبرُّجَ الـجاهِلِـيَّةِ الأُولـى } قال: يقول: التـي كانت قبل الإسلام، قال: وفـي الإسلام جاهلـية؟ قال: قال النبـيّ صلى الله عليه وسلم لأبـي الدرداء، وقال لرجل وهو ينازعه: يا ابْن فلانة، لأُمّ كان يعيره بها فـي الـجاهلـية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبـا الدَّرْدَاءِ إنَّ فِـيكَ جاهِلِـيَّةً" ، قال: أجاهلـية كفر أو إسلام؟ قال: "بل جاهِلِـيَّةُ كُفْرٍ" ، قال: فتـمنـيت أن لو كنت ابتدأت إسلامي يومئذ. قال: وقال النبـيّ صلى الله عليه وسلم: "ثَلاثٌ مِنْ عَمَلِ أهْلِ الـجاهِلِـيَّةِ لا يَدَعُهُنَّ النَّاسُ: الطَّعْنُ بـالأنْساب، والإسْتِـمْطارُ بـالكَوَاكِبِ، والنِّـياحَةُ" .

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، قال: أخبرنـي سلـيـمان بن بلال، عن ثور، عن عبد الله بن عبـاس، أن عمر بن الـخطاب، قال له: أرأيت قول الله لأزواج النبـيّ صلى الله عليه وسلم: { وَلا تَبرَّجْنَ تَبرُّجَ الـجاهِلِـيَّةِ الأُولـى } هل كانت إلا واحدة، فقال ابن عبـاس: وهل كانت من أُولـى إلا ولها آخرة؟ فقال عمر: لله درك يابن عبـاس، كيف قلت؟ فقال: يا أمير الـمؤمنـين، هل كانت من أُولـى إلا ولها آخرة؟ قال: فأت بتصديق ما تقول من كتاب الله، قال: نعم { { وَجاهِدُوا فِـي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ كمَا جاهَدْتُـمْ أوَّلَ مَرَّةٍ } . قال عمر: فمن أُمر بـالـجهاد؟ قال: قبـيـلتان من قريش: مخزوم، وبنو عبد شمس، فقال عمر: صدقت.

وجائز أن يكون ذلك ما بـين آدم ونوح. وجائز أن يكون ما بـين إدريس ونوح، فتكون الـجاهلـية الآخرة، ما بـين عيسى ومـحمد، وإذا كان ذلك مـما يحتـمله ظاهر التنزيـل. فـالصواب أن يقال فـي ذلك، كما قال الله: إنه نهى عن تبرّج الـجاهلـية الأولـى.

وقوله: { وأقِمْنَ الصَّلاةَ وآتِـينَ الزَّكاةَ } يقول: وأقمن الصلاة الـمفروضة، وآتـين الزكاة الواجبة علـيكنّ فـي أموالكنّ { وَأطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولهُ } فـيـما أمراكنّ ونهياكنّ { إنَّـمَا يُريدُ اللَّهُ لِـيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَـيْتِ } يقول: إنـما يريد الله لـيذهب عنكم السوء والفحشاء يا أهل بـيت مـحمد، ويطهركم من الدنس الذي يكون فـي أهل معاصي الله تطهيراً. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { إنَّـمَا يَرِيدُ اللَّهُ لـيُذْهبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَـيْتِ وَيُطَهِّركُمْ تَطْهيراً } فهم أهل بـيت طهرهم الله من السوء، وخصهم برحمة منه.

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { إنَّـمَا يُرِيدُ اللَّهُ لـيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَـيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً } قال: الرجس ههنا: الشيطان، وسوى ذلك من الرجس: الشرك.

اختلف أهل التأويـل فـي الذين عنوا بقوله { أهْلَ البَـيْتِ } فقال بعضهم: عنى به رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلـيّ وفـاطمة والـحسن والـحسين رضوان الله علـيهم. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنا بكر بن يحيى بن زبـان العنزي، قال: ثنا مندل، عن الأعمش، عن عطية، عن أبـي سعيد الـخدريّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِـي خَمْسَةٍ: فِـيّ، وفِـي علـيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَحَسَنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَحُسَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَفـاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها" { إنَّـمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِـيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَـيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا مـحمد بن بشر، عن زكريا، عن مصعب بن شيبة، عن صفـية بنت شيبة قالت: قالت عائشة: خرج النبـيّ صلى الله عليه وسلم ذات غداة، وعلـيه مِرْطٌ مُرَجَّلٌ من شعر أسود، فجاء الـحسن، فأدخـله معه، ثم قال: إنَّـمَا يُريدُ اللَّهُ لِـيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَـيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا مـحمد بن بكر، عن حماد بن سلـمة، عن علـيّ بن زيد، عن أنس أن النبـيّ صلى الله عليه وسلم كان يـمرّ ببـيت فـاطمة ستة أشهر، كلـما خرج إلـى الصلاة فـيقول: "الصَّلاةَ أهْلَ البَـيْتِ" إنَّـمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِـيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَـيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرَاً.

حدثنـي موسى بن عبد الرحمن الـمسروقـي، قال: ثنا يحيى بن إبراهيـم بن سويد النـخعي، عن هلال، يعنـي ابن مقلاص، عن زبـيد، عن شهر بن حوشب، عن أمّ سلـمة، قالت: كان النبـيّ صلى الله عليه وسلم عندي، وعلـيّ وفـاطمة والـحسن والـحسين، فجعلت لهم خزيرة، فأكلوا وناموا، وغطى علـيهم عبـاءة أو قطيفة، ثم قال: "اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أهْلُ بَـيْتِـي، أذْهِبْ عَنْهُمُ الرّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً" .

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو نعيـم، قال: ثنا يونس بن أبـي إسحاق، قال: أخبرنـي أبو داود، عن أبـي الـحمراء، قال: رابطت الـمدينة سبعة أشهر علـى عهد النبـيّ صلى الله عليه وسلم، قال: رأيت النبـيّ صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر، جاء إلـى بـاب علـيّ وفـاطمة فقال: "الصَّلاةَ الصَّلاةَ" { إنَّـمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِـيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَـيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }.

حدثنـي عبد الأعلـى بن واصل، قال: ثنا الفضل بن دكين، قال: ثنا يونس بن أبـي إسحاق، بإسناده عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم، مثله.

حدثنـي عبد الأعلـى بن واصل، قال: ثنا الفضل بن دكين، قال: ثنا عبد السلام بن حرب، عن كلثوم الـمـحاربـي، عن أبـي عمار، قال: إنـي لـجالس عند واثلة بن الأسقع إذ ذكروا علـيا رضي الله عنه، فشتـموه فلـما قاموا، قال: اجلس حتـى أخبرك عن هذا الذي شتـموا، إنـي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه علـيّ وفـاطمة وحسن وحسين، فألقـى علـيهم كساء له، ثم قال: "اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أهْلُ بَـيْتِـي، اللَّهُمَّ أذْهِبْ عَنْهُمُ الرّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهيراً" . قلت: يا رسول الله وأنا؟ قال: "وأنْتَ" قال: فوالله إنها لأوثق عملـي عندي.

حدثنـي عبد الكريـم بن أبـي عمير، قال: ثنا الولـيد بن مسلـم، قال: ثنا أبو عمرو، قال: ثنـي شدّاد أبو عمار قال: سمعت واثلة بن الأسقع يحدّث، قال: سألت عن علـيّ بن أبـي طالب فـي منزله، فقالت فـاطمة: قد ذهب يأتـي برسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاء، فدخـل رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخـلت، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم علـى الفراش وأجلس فـاطمة عن يـمينه، وعلـياً عن يساره وحسناً وحسيناً بـين يديه، فلفع علـيهم بثوبه وقال: "{ إنَّـمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِـيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَـيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } اللَّهُمَّ هَؤلاءِ أهْلـي، اللَّهُمَّ أهْلـي أحَقُّ" . قال واثلة: فقلت من ناحية البـيت: وأنا يا رسول الله من أهلك؟ قال: "وأنت من أهلـي" ، قال واثلة: إنها لـمن أَرْجَى ما أرتـجي.

حدثنـي أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن عبد الـحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن فضيـل بن مرزوق، عن عطية، عن أبـي سعيد الـخدري، عن أمّ سلـمة، قالت: لـما نزلت هذه الآية: { إنَّـمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِـيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَـيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علـياً وفـاطمة وحسناً وحسيناً، فجلل علـيهم كساء خَيبريا، فقال: "اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أهْلُ بَـيْتِـي، اللَّهُمَّ أذْهِبْ عَنْهُمُ الرّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً" قالت أمّ سلـمة: ألستُ منهم؟ قال: أنت إلـى خَيْرٍ.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا مصعب بن الـمقدام، قال: ثنا سعيد بن زربـي، عن مـحمد بن سيرين، عن أبـي هريرة، عن أمّ سلـمة، قالت: جاءت فـاطمة إلـى رسول الله صلى الله عليه وسلم بُبْرَمة لها قد صنعت فـيها عصيدة تـحلها علـى طبق، فوضعته بـين يديه، فقال: "أين ابن عمك وابناك؟" فقالت: فـي البـيت، فقال: "ادعيهم" ، فجاءت إلـى علـيّ، فقالت: أجب النبـيّ صلى الله عليه وسلم أنت وابناك. قالت أمّ سلـمة: فلـما رآهم مقبلـين مدّ يده إلـى كساء كان علـى الـمنامة فمدّه وبسطه وأجلسهم علـيه، ثم أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله، فضمه فوق رؤوسهم وأومأ بـيده الـيـمنى إلـى ربه، فقال: "هَؤُلاءِ أهْلُ البَـيْتِ، فأذْهِبْ عَنْهُمُ الرّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً" .

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا حسن بن عطية، قال: ثنا فضيـل بن مرزوق، عن عطية، عن أبـي سعيد عن أمّ سلـمة زوج النبـيّ صلى الله عليه وسلم أن هذه الآية نزلت فـي بـيتها { إنَّـمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِـيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَـيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } قالت: وأنا جالسة علـى بـاب البـيت، فقلت: أنا يا رسول الله ألست من أهل البـيت؟ قال: "إنَّكِ إلـى خَيْرٍ، أنْتِ مِنْ أزْوَاجِ النَّبِـيّ صلـى اللَّهُ علـيهِ وسلَّـمَ" قالت: وفـي البـيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلـيّ وفـاطمة والـحسن والـحسين رضي الله عنهم.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا خالد بن مخـلد، قال: ثنا موسى بن يعقوب، قال: ثنـي هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبـي وقاص، عن عبد الله بن وهب بن زمعة، قال: أخبرتنـي أمّ سلـمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع علـياً والـحَسنـين، ثم أدخـلهم تـحت ثوبه، ثم جأر إلـى الله، ثم قال: "هؤلاء أهل بـيتـي" ، فقالت أمّ سلـمة: يا رسول الله أدخـلنـي معهم، قال: "إنَّكِ مِنْ أهْلِـي" .

حدثنـي أحمد بن مـحمد الطوسي، قال: ثنا عبد الرحمن بن صالـح، قال: ثنا مـحمد بن سلـيـمان الأصبهانـي، عن يحيى بن عبـيد الـمكي، عن عطاء، عن عمر بن أبـي سلـمة، قال: نزلت هذه الآية علـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم وهو فـي بـيت أمّ سلـمة { إنَّـمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِـيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَـيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } فدعا حسناً وحُسيناً وفـاطمة، فأجلسهم بـين يديه، ودعا علـياً فأجلسه خـلفه، فتـجلَّل هو وهم بـالكساء ثم قال: "هَؤُلاءِ أهْلُ بَـيْتِـي، فَأذْهِبْ عَنْهُمُ الرّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً" قالت أم سلـمة: أنا معهم مكانك وأنْتِ علـى خَيْرٍ.

حدثنـي مـحمد بن عمارة، قال: ثنا إسماعيـل بن أبـان، قال: ثنا الصبـاح بن يحيى الـمرّيّ، عن السديّ، عن أبـي الديـلـم، قال: قال علـيّ بن الـحسين لرجل من أهل الشأم: أما قرأت فـي الأحزاب: { إنَّـمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِـيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَـيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } قال: ولأنتـم هم؟ قال: نعم.

حدثنا ابن الـمثنى، قال: ثنا أبو بكر الـحنفـي، قال: ثنا بكير بن مسمار، قال: سمعت عامر بن سعد، قال: قال سعد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزل علـيه الوحي، فأخذ علـياً وابنـيه وفـاطمة، وأدخـلهم تـحت ثوبه، ثم قال: "رَبّ هَؤُلاءِ أهْلِـي وأهْلُ بَـيْتِـي" .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا عبد الله بن عبد القدوس، عن الأعمش، عن حكيـم بن سعد، قال: ذكرنا علـيّ بن أبـي طالب رضي الله عنه عند أمّ سلـمة قالت: فـيه نزلت: { إنَّـمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِـيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَـيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } قالت أمّ سلـمة: جاء النبـيّ صلى الله عليه وسلم إلـى بـيتـي، فقال: «لا تَأْذَنِـي لأَحَدٍ»، فجاءت فـاطمة، فلـم أستطع أن أحجبها عن أبـيها، ثم جاء الـحسن، فلـم أستطع أن أمنعه أن يدخـل علـى جدّه وأمه، وجاء الـحسين، فلـم أستطع أن أحجبه، فـاجتـمعوا حول النبـيّ صلى الله عليه وسلم علـى بساط، فجللهم نبـيّ الله بكساء كان علـيه، ثم قال: "هَؤُلاءِ أهْلُ بَـيْتِـي، فَأذْهِبْ عَنْهُمُ الرّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً" ، فنزلت هذه الآية حين اجتـمعوا علـى البساط قالت: فقلت: يا رسول الله: وأنا، قالت: فوالله ما أنعم وقال: "إنَّكِ إلـى خَيْرٍ" .

وقال آخرون: بل عنى بذلك أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الأصبغ، عن علقمة، قال: كان عكرمة ينادي فـي السوق: { إنَّـمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِـيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَـيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } قال: نزلت فـي نساء النبـيّ صلى الله عليه وسلم خاصة.