التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّـهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ
٥٦
-غافر

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالى ذكره: إن الذين يخاصمونك يا محمد فيما أتيتهم به من عند ربك من الآيات { بغير سلطان أتاهمْ } يقول: بغير حجة جاءتهم من عند الله بمخاصمتك فيها { إنْ فِي صُدُورهِمْ إلاَّ كِبْرٌ } يقول: ما في صدورهم إلا كبر يتكبرون من أجله عن اتباعك، وقبول الحقّ الذي أتيتهم به حسداً منهم على الفضل الذي آتاك الله، والكرامة التي أكرمك بها من النبوّة { ما هُمْ بِبالِغِيهِ } يقول: الذي حسدوك عليه أمر ليسوا بمُدركيه ولا نائليه، لأن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وليس بالأمر الذي يدرك بالأمانيّ وقد قيل: إن معناه: إن في صدورهم إلا عظمة ما هم ببالغي تلك العظمة لأن الله مذلُّهم. ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثني أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { إنَّ فِي صُدُورِهِمْ إلاَّ كِبْرٌ } قال: عظمة.

وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: { إنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بغَيْرِ سُلْطانٍ أتاهُمْ } قال: أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { إنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بغَيْرِ سُلْطانٍ أتاهُمْ } لم يأتهم بذاك سلطان.

وقوله: { فاسْتَعِذْ باللَّهِ إنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } يقول تعالى ذكره: فاستجر بالله يا محمد من شرّ هؤلاء الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان، ومن الكبر أن يعرض في قلبك منه شيء { إنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } يقول: إن الله هو السميع لما يقول هؤلاء المجادلون في آيات الله وغيرهم من قول البصير بما تعمله جوارحهم، لا يخفى عليه شيء من ذلك.