يقول تعالى ذكره: وضلّ عن هؤلاء المشركين يوم القيامة آلهتهم التي كانوا يعبدونها في الدنيا، فأخذ بها طريق غير طريقهم، فلم تنفعهم، ولم تدفع عنهم شيئاً من عذاب الله الذي حلّ بهم.
وقوله:{ وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ } يقول: وأيقنوا حينئذٍ ما لهم من ملجأ: أي ليس لهم ملجأ يلجأون إليه من عذاب الله. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ {وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ}: استيقنوا أنه ليس لهم ملجأ.
واختلف أهل العربية في المعنى الذي من أجله أبطل عمل الظنّ في هذا الموضع، فقال بعض أهل البصرة: فعل ذلك، لأن معنى قوله: { وَظَنُّوا}: استيقنوا. قال: و{ما} ههنا حرف وليس باسم، والفعل لا يعمل في مثل هذا، فلذلك جعل الفعل ملغًى. وقال بعضهم: ليس يلغى الفعل وهو عامل في المعنى إلا لعلة. قال: والعلة أنه حكاية، فإذا وقع على ما لم يعمل فيه كان حكايةً وتمنياً، وإذا عمل فهو على أصله.
وقوله: {لاَ يَسأَمُ الإنْسانُ مِنْ دُعاءِ الخَيرِ} يقول تعالى ذكره: لا يملّ الكافر بالله من دعاء الخير، يعني من دعائه بالخير، ومسألته إياه ربَّه. والخير في هذا الموضع: المال وصحة الجسم، يقول: لا يملّ من طلب ذلك {وَإنْ مَسَّهُ الشَّرُّ} يقول: وإن ناله ضرّ في نفسه من سُقم أو جهد في معيشته، أو احتباس من رزقه {فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ} يقول: فإنه ذو يأس من روح الله وفرجه، قنوط من رحمته، ومن أن يكشف ذلك الشرّ النازل به عنه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ {لا يَسأَمُ الإنْسانُ مِنْ دُعاءِ الخَيْرِ } يقول: الكافر{وَإنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤسٌ قَنُوطٌ}: قانط من الخير.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:{ لا يَسأَمُ الإنْسانُ } قال: لا يملّ. وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله: «لا يَسأَمُ الإنْسانُ مِنْ دُعاءٍ بالخَيْرِ».