يقول تعالى ذكره:{ خُذُوهُ } يعني هذا الأثيم بربه، الذي أخبر جلّ ثناؤه أن له شجرة الزقوم طعام { فاعْتِلُوهُ } يقول تعالى ذكره: فادفعوه وسوقوه، يقال منه: عتله يعتله عتلاً: إذا ساقه بالدفع والجذب ومنه قول الفرزدق:
لَيْسَ الكِرَامُ بِناحِلِيكَ أبَاهُمُحتى تُرَدّ إلى عَطِيَّةَ تُعْتِلُ
أي تُساق دَفْعاً وسحباً.
وقوله: { إلى سَوَاءِ الجَحِيمِ }: إلى وسط الجحيم. ومعنى الكلام: يقال يوم القيامة: خذوا هذا الأثيم فسوقوه دفعاً في ظهره، وسحباً إلى وسط النار. وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: فاعْتِلُوهُ قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله:{ خُذُوهُ فاعْتِلُوهُ إلى سَوَاءِ الجَحِيمِ } قال: خذوه فادفعوه.
وفي قوله:{ فاعْتلُوهُ } لغتان: كسر التاء، وهي قراءة بعض قرّاء أهل المدينة وبعض أهل مكة.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا أنهما لغتان معروفتان في العرب، يقال منه: عتل يعتِل ويعتُل، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { إلى سَوَاءِ الجَحِيمِ }: إلى وَسَط النار.
وقوله:{ ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رأسِهِ مِنْ عَذابِ الحَمِيمِ } يقول تعالى ذكره: ثم صبوا على رأس هذا الأثيم من عذاب الحميم، يعني: من الماء المسخن الذي وصفنا صفته، وهو الماء الذي قال الله
{ يُصْهَرُ بِهِ ما في بُطُونهِمْ والجُلُودُ } ، وقد بيَّنت صفته هنالك.