التفاسير

< >
عرض

نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ
٤٥

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالى ذكره: نحن يا محمد أعلم بما يقول هؤلاء المشركون بالله من فِريتهم على الله، وتكذيبهم بآياته، وإنكارهم قُدرة الله على البعث بعد الموت { وَما أنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } يقول: وما أنت عليهم بمسلط. كما:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد { وَما أنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } قال: لا تتجبر عليهم.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:{ وَما أنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } فإن الله عزّ وجلّ كره الجبرية، ونهى عنها، وقدّم فيها. وقال الفرّاء: وضع الجبار في موضع السلطان من الجبرية وقال: أنشدني المفضل:

وَيَوْمَ الحَزْنِ إذْ حَشَدَتْ مَعَدّوكانَ النَّاسُ إلا نَحْنُ دِينا
عَصَيْنا عَزْمَةَ الجَبَّارِ حَتَّىصَبَحْنا الجَوْفَ ألْفا مُعْلَمِينا

_@_ ويروى: «الجوف» وقال: أراد بالجبار: المنذر لوَلايته.

قال: وقيل: إن معنى قوله:{ وَما أنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } لم تُبعث لتجْبُرَهم على الإسلام، إنما بعثت مذكِّراً، فذكِّر. وقال: العرب لا تقول فعال من أفعلت، لا يقولون: هذا خراج، يريدون: مُخْرِج، ولا يقولون: دخَال، يريدون: مُدْخِل، إنما يقولون: فعال، من فعلت ويقولون: خراج، من خرجت ودخال: من دخلت وقتَّال، من قتلت. قال: وقد قالت العرب في حرف واحد: درّاك، من أدركت، وهو شاذّ.

قال: فإن قلت الجبار على هذا المعنى، فهو وجه. قال: وقد سمعت بعض العرب يقول: جبره على الأمر، يريد: أجبره، فالجبار من هذه اللغة صحيح، يراد به: يقهرهم ويجبرهم.

وقوله:{ فَذَكِّرْ بالقُرآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ } يقول تعالى ذكره: فذكر يا محمد بهذا القرآن الذي أنزلته إليك من يخاف الوعيد الذي أوعدته من عصاني وخالف أمري.

حدثني نصر بن عبد الرحمن الأوديّ، قال: ثنا حكام الرازي، عن أيوب، عن عمرو الملائي، عن ابن عباس، قال: قالوا يا رسول الله لو خوّفتنا؟ فنزلت { فَذَكِّرْ بالقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ }.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا حكام، عن أيوب بن سيار أبي عبد الرحمن، عن عمرو بن قيس، قال: قالوا: يا رسول الله، لو ذكَّرتنا، فذكر مثله.