التفاسير

< >
عرض

وَفِي مُوسَىٰ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
٣٨
فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ
٣٩
-الذاريات

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالى ذكره وفي موسى بن عمران إذ أرسلناه إلى فرعون بحجة تبين لمن رآها أنها حجة لموسى على حقيقة ما يقول ويدعو إليه. كما:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { إلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ } يقول: بعذر مبين.

وقوله: { فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ } يقول: فأدبر فرعون كما أرسلنا إليه موسى بقومه من جنده وأصحابه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظ قائليه فيه. ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { فَتَوَلَّى بِرُكُنِهِ } يقول لقومه، أو بقومه، أنا أشكّ.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { فَتَوَلَّى بِرُكْنهِ } قال: بعضده وأصحابه.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: { فَتَوَلَّي بِرُكْنِهِ } غلب عدوّ الله على قومه.

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله تبارك وتعالى { فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ } قال: بجموعه التي معه، وقرأ { { لَوْ أنَّ لي بِكُمْ قُوَّةً أوْ آوِي إلى رُكنٍ شَدِيدٍ } قال: إلى قوة من الناس إلى ركن أجاهدكم به قال: وفرعون وجنوده ومن معه ركنه قال: وما كان مع لوط مؤمن واحد قال: وعرض عليهم أن يُنكحهم بناته رجاء أن يكون له منهم عضد يعينه، أو يدفع عنه، وقرأ { { هَؤُلاءِ بَناتي هُنَّ أطْهَرُ لَكُمْ } قال: يريد النكاح، فأبوا عليه، وقرأ قول الله تبارك وتعالى: { { لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقِّ وَإنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ } أصل الركن: الجانب والناحية التي يعتمد عليها ويقوَى بها.

وقوله: { وَقالَ ساحِرٌ أوْ مَجْنُونٌ } يقول: وقال لموسى: هو ساحر يسحر عيون الناس، أو مجنون، به جِنَّة. وكان معمر بن المثنى يقول: أو في هذا الموضع بمعنى الواو التي للموالاة، لأنهم قد قالوهما جميعاً له، وأنشد في ذلك بيت جرير الخطفي:

أَثَعْلَبَةَ الفَوَارِسَ أوْ رِياحاعَدَلَتْ بِهِمْ طُهَيَّةَ والخِشابا