التفاسير

< >
عرض

وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ
١
مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ
٢
-النجم

جامع البيان في تفسير القرآن

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: { والنَّجْمِ إذَا هَوَى } فقال بعضهم: عُنِي بالنجم: الثُّريا، وعُنِي بقوله: { إذَا هَوَى }: إذا سقط، قالوا: تأويل الكلام: والثريا إذا سقطت. ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى } قال: إذا سقطت الثريا مع الفجر.

حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان { وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى } قال: الثريا. وقال مجاهد: { وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى } قال: سقوط الثريا.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى } قال: إذا انصبّ.

وقال آخرون: معنى ذلك: والقرآن إذا نزل. ذكر من قال ذلك:

حدثني زياد بن عبد الله الحساني أبو الخطاب، قال: ثنا مالك بن سعير، قال: ثنا الأعمش، عن مجاهد، في قوله: { وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى } قال: القرآن إذا نزل.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى ما ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَما غَوَى } قال: قال عُتْبة بن أبي لهب: كفرتُ بربّ النجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمَا تَخافُ أنْ يَأْكُلُكَ كَلْبُ اللّهِ" قال: فخرج في تجارة إلى اليمن، فبينما هم قد عرَّسوا، إذ سمعَ صوتَ الأسد، فقال لأصحابه إني مأكول، فأحدقوا به، وضرب على أصمختهم فناموا، فجاء حتى أخذه، فما سمعوا إلا صوته.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، قال: ثنا معمر، عن قتادة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم تلا: { وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى } فقال ابن لأبي لهب حسبته قال: اسمه عُتبة: كفرت بربّ النجم، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "احْذَرْ لا يَأْكُلْكَ كَلْبُ اللّهِ" قال: فضرب هامته. قال: وقال ابن طاوس عن أبيه، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ألاَ تخافُ أنْ يُسَلِّطَ اللّهُ عَلَيْكَ كَلْبَهُ؟" فخرج ابن أبي لهب مع ناس في سفر حتى إذا كانوا في بعض الطريق سمعوا صوت الأسد، فقال: ما هو إلا يريدني، فاجتمع أصحابه حوله وجعلوه في وسطهم، حتى إذا ناموا جاء الأسد فأخذه من بينهم. وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يقول: عنى بقوله: { والنَّجْمِ } والنجوم. وقال: ذهب إلى لفظ الواحد، وهو في معنى الجميع، واستشهد لقوله ذلك بقول راعي الإبل:

فَباتَتْ تَعُدُّ النَّجْمَ في مُسْتَحِيرَةٍ سَرِيعٌ بِأيْـدِي الآكِلِينَ جُمُودُها

والصواب من القول في ذلك عندي ما قاله مجاهد من أنه عنى بالنجم في هذا الموضع: الثريا، وذلك أن العرب تدعوها النجم، والقول الذي قاله من حكينا عنه من أهل البصرة قول لا نعلم أحداً من أهل التأويل قاله، وإن كان له وجه، فلذلك تركنا القول به.

وقوله: { ما ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَما غَوَى } يقول تعالى ذكره: ما حاد صاحبكم أيها الناس عن الحقّ ولا زال عنه، ولكنه على استقامة وسداد.

ويعني بقوله: { وَما غَوَى }: وما صار غويًّا، ولكنه رشيد سديد يقال: غَوَى يَغْوِي من الغيّ، وهو غاوٍ، وغَوِيَ يَغْوَى من اللبن: إذا بَشِم. وقوله: { ما ضَلَّ صَاحِبُكُمْ } جواب قسم والنجم.