التفاسير

< >
عرض

وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ
٦٢
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٦٣
مُدْهَآمَّتَانِ
٦٤
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٦٥
فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ
٦٦
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٦٧
-الرحمن

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالى ذكره: ومن دون هاتين الجنتين اللتين وصف الله جلّ ثناؤه صفتهما التي ذكر أنهما لمن خاف مقام ربه جنتان. ثم اختلف أهل التأويل في معنى قوله: { وَمِنْ دُونِهِما } في هذا الموضع، فقال بعضهم: معنى ذلك: ومن دونهما في الدَّرَج. ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن منصور الطوسيّ، قال: ثنا إسحاق بن سليمان، قال: ثنا عمرو بن أبي قيس، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، في قوله: { { وكانَ عَرْشُهُ على المَاءِ } قال: كان عرش الله على الماء، ثم اتخذ لنفسه جنة، ثم اتخذ دونها جنة أخرى، ثم أطبقهما بلؤلؤة واحدة قال: { وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ } وهي التي لا تعلم، أو قال: وهما التي لا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرّة أعين جزاء بما كانوا يعملون. قال: وهي التي لا تعلم الخلائق ما فيهما، أو ما فيها، يأتيهم كلّ يوم منها أو منهما تحفة.

حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا يعقوب، عن عنبسة، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جُبَير بنحوه.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: ومن دونهما في الفضل. ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ } هما أدنى من هاتين لأصحاب اليمين.

وقوله: { فَبِأيّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذّبان } يقول: فبأيّ نعم ربكما التي أنعم عليكم بإثابته أهل الإحسان ما وصف من هاتين الجنتين تكذّبان؟.

وقوله: { مُدْهامَّتانِ } يقول تعالى ذكره. مسوادّتان من شدة خضرتهما. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { مُدْهامَّتانِ } يقول: خضراوان.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { مُدْهامَّتانِ } قال: خضراوان من الريّ، ويقال: ملتفتان.

حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: أخبرنا محمد بن بشر، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن حارثة بن سليمان السلميّ، قال: سمعت ابن الزُّبَير وهو يفسِّر هذه الآية على المنبر، وهو يقول: هل تدرون ما { مُدْهامَّتانِ }؟ خضراوان من الريّ.

حدثني محمد بن عمارة هو الأسديّ، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن حارثة بن سليمان، هكذا قال، قال ابن الزُّبَير { مُدْهامَّتانِ } خضراوان من الريّ.

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا مروان بن معاوية، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن حارثة بن سليمان، أن ابن الزُّبَير قال: { مُدْهامَّتانِ } قال: هما خضراوان من الريّ.

حدثنا الفضل بن الصباح، قال: ثنا ابن فضيل، عن عطاء، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس { مُدْهامَّتانِ } قال: خضراوان.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن عطية { مُدْهامَّتانِ } قال: خضراوان من الرِّيّ.

حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح في قوله: { مُدْهامَّتانِ } قال: خضراوان من الريّ.

حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا يعقوب، عن عنبسة، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جُبَير { مُدْهامَّتانِ } قال: علاهما الريّ من السواد والخضرة.

قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن عطاء، عن سعيد بن جُبَير { مُدْهامَّتانِ } قال: خضراوان.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: { مُدْهامَّتانِ } قال: مسوادّتان.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { مُدْهامَّتانِ } يقول: خضراوان من الريّ ناعمتان.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: { مُدْهامَّتانِ } قال: خضراوان من الريّ: إذا اشتدت الخضرة ضربت إلى السواد.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: { مُدْهامَّتانِ } قال: ناعمتان.

حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن أبي سنان { مُدْهامَّتانِ } قال: مسوادّتان من الريّ.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { { ولِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ } قال: جنتا السابقين، فقرأ { { ذَوَاتا أفْنانٍ } وقرأ { { كأنَّهُنَّ الياقُوتُ وَالمَرْجانُ } ثم رجع إلى أصحاب اليمين فقال { وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ } فذكر فضلهما وما فيهما، قوله: { مُدْهامَّتانِ } من الخضرة من شدة خضرتهما، حتى كادتا تكونان سَوْداوين.

حدثني محمد بن سنان القزّاز، قال: ثنا الحسين بن الحسن الأشقر، قال: ثنا أبو كُدَينة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، في قوله: { مُدْهامَّتانِ } قال: خضراوان.

وقوله: { فَبِأيّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذّبانِ } يقول: فبأيّ نِعَم ربكما التي أنعم عليكم بإثابته أهل الإحسان ما وصف في هاتين الجنتين تكذّبان.

وقوله: { فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ } يقول تعالى ذكره في هاتين الجنتين اللتين من دون الجنتين اللتين هما لمن خاف مقام ربه، عينان نضاختان، يعني فوّارتان.

واختلف أهل التأويل في المعنى الذي تنضخان به، فقال بعضهم: تنضخان بالماء. ذكر من قال ذلك:

حدثنا هناد بن السريّ، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك عن عكرِمة، في قوله: { فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ } قال: ينضخان بالماء.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { نَضَّاخَتانِ } قال: تنضخان بالماء.

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ } يقول: نضاختان بالماء.

وقال آخرون: بل معنى ذلك أنهما ممتلئتان. ذكر من قال ذلك:

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: { عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ } قال: ممتلئتان لا تنقطعان.

وقال آخرون: تنضخان الماء والفاكهة. ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا يحيى بن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: { فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ } قال: بالماء والفاكهة.

وقال آخرون: نضاختان بألوان الفاكهة. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا يعقوب القمي، عن جعفر، عن سعيد { فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ } قال: نضاختان بألوان الفاكهة.

وقال آخرون: نضاختان بالخير. ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ } يقول: نضاختان بالخير.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عُنِي بذلك أنهما تنضخان بالماء، لأنه المعروف بالعيون إذ كانت عيون ماء.

وقوله: { فَبِأيْ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذّبانِ } يقول تعالى ذكره: فبأيّ نِعَم ربكما التي أنعم عليكم بإثابته محسنكم هذا الثواب الجزيل تكذّبان؟.