التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ قَوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى ٱلْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
١٤
-المجادلة

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم تنظر بعين قلبك يا محمد، فترى إلى القوم الذين. تولَّوْا قوماً غضب الله عليهم، وهم المنافقون تولَّوا اليهود وناصحوهم، كما:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ } إلى آخر الآية، قال: هم المنافقون تولَّوا اليهود وناصحوهم.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة { تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ الله عَلَيْهِمْ } قال: هم اليهود تولاهم المنافقون.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله عزّ وجلّ { ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ } قال: هؤلاء كفرة أهل الكتاب اليهود والذين تولوهم المنافقون تولوا اليهود، وقرأ قول الله: { { ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لإخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أهْلِ الكِتابِ } حتى بلغ { { وَاللَّهُ يَشْهَدُ إنَّهُمْ لَكاذِبُونَ } لئن كانَ ذلكَ لا يَفْعَلُونَ وقال: هؤلاء المنافقون قالوا: لا ندع حلفاءنا وموالينا يكونوا معا لنصرتنا وعزّنا، ومن يدفع عنا نخشى أن تصيبنا دائرة، فقال الله عزّ وجلّ: فَعَسَى اللَّهُ أنْ يأتِي بالفَتْحِ أوْ أمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ حتى بلغ: { { فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ } وقرأ حتى بلغ: { { أوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرِ } قال: لا يَبرزون.

قوله: { ما هُمْ مِنْكُمْ } يقول تعالى ذكره: ما هؤلاء الذين تولَّوا هؤلاء القوم الذين غضب الله عليهم، منكم يعني: من أهل دينكم وملتكم، ولا منهم ولا هم من اليهود الذين غضب الله عليهم، وإنما وصفهم بذلك منكم جلّ ثناؤه لأنهم منافقون إذا لقوا اليهود، قالوا { { أنَّا مَعَكمْ إنَّما نَحنُ مُسْتَهزئون وَإذا لَقُوا الذَّين آمَنُوا قَالوَا آمَنَّا } }.

وقوله { ويَحْلِفُونَ على الكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } يقول تعالى ذكره: ويحلفون على الكذب، وذلك قولهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم: نشهد إنك لرسول الله وهم كاذبون غير مصدّقين به، ولا مؤمنين به، كما قال جلّ ثناؤه: { { وَاللَّهُ يَشْهَدُ إنَّ المُنافِيِنَ لَكاذِبُونَ } وقد ذُكِر أن هذه الآية نزلت في رجل منهم عاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر بلغه عنه، فحلف كذباً. ذكر الخبر الذي رُوي بذلك:

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ يَنْظُرُ بعَيْنِ شَيْطانٍ، أو بعَيْنَيْ شَيْطانٍ" ، قال: فدخل رجل أزرق، فقال له: "علامَ تسبني أو تشتمني؟" قال: فجعل يحلف، قال: فنزلت هذه الآية التي في المجادلة: { وَيحْلِفُونَ على الكَذِبِ وَهَمْ يَعْلَمُونَ } والآية الأخرى.