التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ
١٠
تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
١١
-الصف

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالى ذكره: { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أدُلُّكُمْ على تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ ألِيمٍ } موجع، وذلك عذاب جهنم ثم بين لنا جلّ ثناؤه ما تلك التجارة التي تنجينا من العذاب الأليم، فقال: { تُؤْمِنُونَ باللَّهِ وَرَسُولِهِ } محمد صلى الله عليه وسلم.

فإن قال قائل: وكيف قيل: { تُؤْمِنُونَ باللَّهِ وَرَسُولِهِ }، وقد قيل لهم: { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا } بوصفهم بالإيمان؟ فإن الجواب في ذلك نظير جوابنا في قوله: { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا } آمِنُوا بالله وقد مضى البيان عن ذلك في موضعه بما أغنى عن إعادته.

وقوله: { وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّهِ بأمْوَالِكُمْ وأنْفُسِكُمْ } يقول تعالى ذكره: وتجاهدون في دين الله، وطريقه الذي شرعه لكم بأموالكم وأنفسكم { ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ } يقول: إيمانكم بالله ورسوله، وجهادكم في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم { خَيْرٌ لَكُمْ } من تضييع ذلك والتفريط { إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } مضارّ الأشياء ومنافعها. وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله: «آمِنُوا باللَّهِ» على وجه الأمر، وبيَّنت التجارة من قوله: { هَلْ أدُلُّكُمْ على تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ } وفسِّرت بقوله: { تؤْمِنُونَ باللَّهِ } ولم يقل: أن تؤمنوا، لأن العرب إذا فسرت الاسم بفعل تثبت في تفسيره أن أحياناً، وتطرحها أحياناً، فتقول للرجل: هل لك في خير تقوم بنا إلى فلان فنعوده؟ هل لك في خير أن تقوم إلى فلان فنعوده؟، بأن وبطرحها. ومما جاء في الوجهين على الوجهين جميعا قوله: { { فَلْيَنْظُرِ الإنْسانُ إلى طَعامِهِ أنَّا } وإنا فالفتح في أنا لغة من أدخل في يقوم أن من قولهم: هل لك في خير أن تقوم، والكسر فيها لغة من يُلقي أن من تقوم ومنه قوله: { { فانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أنَّا دَمَّرْناهُمْ } وإنا دمرناهم، على ما بيَّنا.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أدُلُّكُمْ على تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ }... الآية، فلولا أن الله بينها، ودلّ عليها المؤمنين، لتلهف عليها رجال أن يكونوا يعلمونها، حتى يضنوا بها وقد دلكم الله عليها، وأعلمكم إياها فقال: { تؤْمِنُونَ باللَّهِ وَرَسُولِهِ وتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بأمْوَالِكُمْ وأنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ }.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: تلا قتادة: { هَلْ أدُلُّكُمْ على تجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أليمٍ تُؤْمِنُونَ باللَّهِ وَرَسُولِهِ وتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } قال: الحمد لله الذي بينها.