التفاسير

< >
عرض

أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ
١٤
هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ ذَلُولاً فَٱمْشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ ٱلنُّشُورُ
١٥
-الملك

جامع البيان في تفسير القرآن

.

يقول تعالى ذكره: {ألا يَعْلَمُ} الربّ جلّ ثناؤه {مَنْ خَلَقَ} من خلقه؟ يقول: كيف يخفى عليه خلقه الذي خلق {وَهُوَ اللَّطِيفُ} بعباده {الخَبِيرُ} بهم وبأعمالهم.

وقوله: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ ذَلُولاً} يقول تعالى ذكره: الله الذي جعل لكم الأرض ذَلُولاً سْهلاً، سَهَّلها لكم {فامْشُوا فِي مَناكِبها}.

واختلف أهل العلم في معنى {مَناكِبها} فقال بعضهم: مناكبها: جبالها. ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: {فِي مَناكِبها} يقول: جبالها.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن بشير بن كعب أنه قرأ هذه الآية: {فامْشُوا فِي مَناكِبها} فقال لجارية له: إن دَرَيْت ما مناكُبها، فأنت حرّة لوجه الله قالت: فإن مناكبها: جبالها، فكأنما سُفِع في وجهه، ورغب في جاريته. فسأل، منهم من أمره، ومنهم من نهاه، فسأل أبا الدرداء، فقال: الخير في طمأنينة، والشرّ في ريبة، فَذرْ ما يريبك إلى ما لا يَريبك.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا معاذ بن هشام، قال: ثني أبي، عن قتادة، عن بشير بن كعب، بمثله سواء.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة {فامْشُوا في مَناكِبها}: جبالها.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله {فِي مَناكِبها} قال: في جبالها.

وقال آخرون: {مَناكِبها}: أطرافها ونواحيها.

ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: {فامْشُوا فِي مَناكِبها} يقول: امشوا في أطرافها.

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن سعيد، عن قتادة، أن بشير بن كعب العدويّ، قرأ هذه الآية {فامْشُوا فِي مَناكِبها} فقال لجاريته: إن أخبرتني ما مناكبها، فأنت حرّة، فقالت: نواحيها فأراد أن يتزوّجها، فسأل أبا الدرداء، فقال: إن الخير في طمأنينة، وإن الشرّ في ريبة، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: {فامْشُوا فِي مَناكِبها} قال: طرقها وفجاجها.

وأولى القولين عندي بالصواب قول من قال: معنى ذلك: فامشوا في نواحيها وجوانبها، وذلك أن نواحيها نظير مناكب الإنسان التي هي من أطرافه.

وقوله: {وكُلُوا مِنْ رزْقِهِ} يقول: وكلوا من رزق الله الذي أخرجه لكم من مناكب الأرض، {وَإلَيْهِ النُّشُورُ} يقول تعالى ذكره: وإلى الله نشركم من قبوركم.