التفاسير

< >
عرض

أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٢٢
-الملك

جامع البيان في تفسير القرآن

.

يقول تعالى ذكره: { أَفَمَنْ يَمْشِي } أيها الناس { مُكِبًّا على وَجْهِهِ } لا يبصر ما بين يديه، وما عن يمينه وشماله { أهْدَى }: أشدّ استقامة على الطريق، وأهدى له، { أمْ مَنْ يَمْشِي سَويًّا } مَشْيٍ بني آدم على قدميه { على صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } يقول: على طريق لا اعوجاج فيه وقيل { مُكِبًّا } لأنه فعل غير واقع، وإذا لم يكن واقعاً أدخلوا فيه الألف، فقالوا: أكبّ فلان على وجهه، فهو مكبّ ومنه قول الأعشي:

مُكبّاً عَلى رَوْقَيْه يحْفِرُ عِرْقَها عَلَى ظَهْر عُرْيان الطَّرِيقةِ أهْيَما

فقال: مكباً، لأنه فعل غير واقع، فإذا كان واقعا حُذفت منه الألف، فقيل: كببت فلاناً على وجهه وكبَّه الله على وجهه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { أفَمَنْ يَمْشي مُكِبًّا على وَجْهِهِ أهْدَى أمْ مَنْ يَمْشي سَويًّا على صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } يقول: من يمشي في الضلالة أهدى، أم من يمشي مهتدياً؟.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { مُكبًّا على وَجْهِهِ } قال: في الضلالة { أمْ مَنْ يَمْشي سَوِيًّا على صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } قال: حقّ مستقيم.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: { أفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا على وَجْهِهِ } يعني الكافر أهدى { أمْ مَنْ يَمْشي سَوِيًّا } المؤمن؟ ضرب الله مثلاً لهما.

وقال آخرون: بل عنى بذلك أن الكافر يحشره الله يوم القيامة على وجهه، فقال: { أفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا على وَجْهِهِ } يوم القيامة { أهْدَى أمْ مَنْ يَمْشِي سَويًّا } يومئذٍ.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { أفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا على وَجْهِهِ أهْدَى }: «هو الكافر أكبّ على معاصي الله في الدنيا، حشره الله يوم القيامة على وجهه»، فقيل: يا نبيّ الله كيف يحشر الكافر على وجهه؟ قال: "إن الذي أمشاه على رجليه قادر أن يحشره يوم القيامة على وجهه" .

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة { أفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا على وَجْهِهِ } قال: «هو الكافر يعمل بمعصية الله، فيحشره الله يوم القيامة على وجهه». قال معمر: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: كيف يمشون على وجوههم؟ قال: "إنَّ الَّذِي أمْشاهُم على أقْدامِهِمْ قادِرٌ عَلى أنْ يُمْشِيَهُمْ على وُجُوهِهِمْ" .

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة { يَمْشِي سَوِيًّا على صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } قال: المؤمن عمل بطاعة الله، فيحشره الله على طاعته.