. يعني تعالى ذكره بقوله: { إنَّا بَلَوْناهُمْ }: أي بلونا مشركي قريش، يقول: امتحناهم فاختبرناهم، { كمَا بَلَوْنا أصحَابَ الجَنَّةِ } يقول: كما امتحنا أصحاب البستان { إذْ أقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ } يقول: إذ حلفوا ليصرمُنّ ثمرها إذا أصبحوا. { وَلا يَستَثْنون }: ولا يقولون إن شاء الله. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا هناد بن السريّ، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماكَ، عن عكرِمة، في قوله:
{ { لا يَدْخُلَنَّها اليَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكينٌ } قال: هم ناس من الحبشة كانت لأبيهم جنة، كان يطعم المساكين منها، فلما مات أبوهم، قال بنوه: والله إن كان أبونا الأحمق حين يُطعم المساكين، فأقسموا ليصرمنها مصبحين، ولا يستثنون، ولا يطعمون مسكيناً. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: { لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحينَ } قال: كانت الجنة لشيخ، وكان يتصدّق، فكان بنوه ينهونه عن الصدقة، وكان يمسك قوت سنته، وينفق ويتصدّق بالفضل فلما مات أبوهم غدوا عليها فقالوا:
{ { لا يَدْخُلَنَّهَا اليَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ } . وذُكر أن أصحاب الجنة كانوا أهل كتاب.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { إنَّا بَلَوْناهُمْ كمَا بَلَوْنا أصحَابَ الجَنَّةِ إذْ أقْسَمُوا }... الآية، قال: كانوا من أهل الكتاب.
والصرم: القطع، وإنما عنى بقوله { لَيَصْرِمُنَّها } لَيَجُدُّنّ ثمرتها ومنه قول امرىء القيس:
صَرَمَتْكَ بَعْدَ تَوَاصُلٍ دَعْدُ وَبَدا لِدَعْدٍ بعضُ ما يَبْدُو