التفاسير

< >
عرض

إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوۤاْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً
٢٧
رَّبِّ ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَلاَ تَزِدِ ٱلظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً
٢٨
-نوح

جامع البيان في تفسير القرآن

.

يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل نوح في دعائه إياه على قومه: إنك يا ربّ إن تذر الكافرين أحياء على الأرض، ولم تهلكهم بعذاب من عندك { يُضِلُّوا عِبادَكَ } الذين قد آمنوا بك، فيصدّوهم عن سبيلك، { وَلا يَلِدُوا إلاَّ فاجِراً } في دينك { كَفَّاراً } لنعمتك.

وذُكر أن قيل نوح هذا القول ودعاءه هذا الدعاء، كان بعد أن أوحي إليه ربه: { { أنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ } .

ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: { { رَبّ لا تَذَرْ على الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيَّاراً } أما والله ما دعا عليهم حتى أتاه الوحي من السماء { { أنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ } فعند ذلك دعا عليهم نبيّ الله نوح فقال: { رَبّ لا تَذَرْ على الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيَّاراً إنَّكَ إنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إلاَّ فاجِراً كَفَّاراً } ثم دعاه دعوة عامة فقال: { رَبّ اغْفِرْ لي وَلِوَالِدَيَّ ولمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَللْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ }... إلى قوله: { تَباراً }.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: تلا قتادة { { لا تَذَرْ على الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيَّاراً } ثم ذكره نحوه.

وقوله: { رَبّ اغْفِرْ لي وَلِوَالِدَيَّ } يقول: ربّ اعف عني، واستر عليَّ ذنوبي وعلى والديَّ { ولِمَنْ دَخَلَ بَيِتيَ مُؤْمِناً } يقول: ولمن دخل مسجدي ومصلايَ مصلِّياً مؤمناً، يقول: مصدّقاً بواجب فرضك عليه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر بن آدم، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا سفيان، عن أبي سنان، عن الضحاك { ولِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِناً } قال: مسجدي.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبي سلمة، عن أبي سنان سعيد، عن الضحاك مثله.

وقوله: { وللْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ } يقول: وللمصدّقين بتوحيدك والمصدّقات.

وقوله: { وَلا تَزِدِ الظَالِمِينَ إلاَّ تَباراً } يقول: ولا تزد الظالمين أنفسهم بكفرهم إلا خساراً. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: { إلاَّ تَباراً } قال: خساراً.

وقد بينت معنى قول القائل: تبرت، فيما مضى بشواهده، وذكرت أقوال أهل التأويل فيه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، قال: قال معمر: ثنا الأعمش، عن مجاهد، قال: كانوا يضربون نوحاً حتى يُغْشَى عليه، فإذا أفاق قال: ربّ اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.