. يقول تعالى ذكره: وأن لو استقام هؤلاء القاسطون على طريقة الحقّ والاستقامة { لأَسْقَيْناهُمْ ماءً غدَقاً } يقول: لو سَّعنا عليهم في الرزق، وبسطناهم في الدنيا لنفتنهم فيه، يقول لنختبرهم فيه. واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم نحو الذي قلنا فيه.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { وأنْ لَو اسْتَقامُوا على الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً } يعني بالاستقامة: الطاعة. فأما الغدق فالماء الطاهر الكثير { لِنَفْتنَهُمْ فِيهِ } يقول: لنبتليهم به.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن عبيد الله بن أبي زياد، عن مجاهد { وأنْ لَوِ اسْتَقامُوا على الطَّرِيقَةِ } طريقة الإسلام { لأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً } قال: نافعاً كثيراً، لأعطيناهم مالاً كثيراً { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } حتى يرجعوا لما كتب عليهم من الشقاء.
حدثنا إسحاق بن زيد الخطابي، قال: ثنا الفريابي، عن سفيان، عن عبيد الله بن أبي زياد، عن مجاهد مثله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عبيد الله بن أبي زياد، عن مجاهد { وَأنْ لَوِ اسْتَقامُوا على الطَّرِيقَةِ } قال: طريقة الحقّ { لأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً } يقول مالاً كثيراً { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } قال: لنبتليهم به حتى يرجعوا إلى ما كتب عليهم من الشقاء.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن مجاهد، عن أبيه، مثله.
قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن مجاهد { وَأنْ لَوِ اسْتَقامُوا على الطَّرِيقَةِ } قال: الإسلام { لأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً } قال الكثير { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } قال: لنبتليهم به.
قال: ثنا مهران، عن أبي سنان، عن غير واحد، عن مجاهد { ماءً غَدَقاً } قال الماء. والغدق: الكثير { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } حتى يرجعوا إلى علمي فيهم.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { لأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً } قال: لأعطيناهم مالاً كثيراً، قوله: { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } قال: لنبتليهم.
حدثني أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن بعض أصحابه، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جُبير في قوله: { وأنْ لَوِ اسْتَقامُوا على الطَّرِيقَةِ } قال: الدين { لأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً } قال: مالاً كثيراً { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } يقول: لنبتليهم به.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وأنْ لَوِ اسْتَقامُوا على الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً } قال: لو آمنوا كلهم لأوسعنا عليهم من الدنيا. قال الله: { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } يقول: لنبتليهم بها.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة { لأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً } قال: لو اتقوا لوسع عليهم في الرزق { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } قال: لنبتليهم فيه.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس { ماءً غَدَقاً } قال: عيشاً رَغداً.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وأنْ لَوِ اسْتَقامُوا على الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً } قال: الغدق الكثير: مال كثير { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } لنختبرهم فيه.
حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي، قال: ثنا المطلب بن زياد، عن التيمي، قال: قال عمر رضي الله عنه في قوله: { وأنْ لَوِ اسْتَقامُوا على الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً } قال: أينما كان الماء كان المال وأينما كان المال كانت الفتنة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وأن لو استقاموا على الضلالة لأعطيناهم سعة من الرزق لنستدرجهم بها.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت عمران بن حدير، عن أبي مُجَلِّز، قال: وأن لو استقاموا على طريقة الضلالة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وأن لو استقاموا على طريقة الحقّ وآمنوا لوسعنا عليهم.
ذكر من قال ذلك:
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله { وأنْ لَوِ اسْتَقامُوا على الطَّرِيقَةِ } قال: هذا مثل ضربه الله كقوله:
{ { وَلَوْ أنَّهُمْ أقامُوا التَّوْرَاةَ والإنْجيلَ وَما أُنْزِلَ إلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِم وَمِنْ تَحْتِ أرْجُلِهمْ } وقوله تعالى: { { وَلَوْ أنَّ أهْلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهمْ بَرَكاتٍ من السَّماءِ والأرْضِ } والماء الغَدَقَ يعني: الماء الكثير { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } لنبتليهم فيه. وقوله: { وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً } يقول عزّ وجل: ومن يُعرض عن ذكر ربه الذي ذكره به، وهو هذا القرآن ومعناه: ومن يعرض عن استماع القرآن واستعماله، يسلكه الله عذاباً صعدا: يقول: يسلكه الله عذابا شديداً شاقاً. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْه عَذَاباً صَعَداً } يقول: مشقة من العذاب يصعد فيها.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثني أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { عَذَاباً صَعَداً } قال: مشقة من العذاب.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد، مثله.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرِمة، عن ابن عباس { عَذَاباً صَعَداً } قال: جبل في جهنم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً } عذاباً لا راحة فيه.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة { عَذَاباً صَعَداً } قال: صَعوداً من عذاب الله لا راحة فيه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: { يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً } قال: الصعد: العذاب المنصب.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: { يَسْلُكْه } فقرأه بعض قرّاء مكة والبصرة: «نَسْلُكْهُ» بالنون اعتبارا بقوله: { لِنَفْتِنَهُمْ } أنها بالنون. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة بالياء، بمعنى: يسلكه الله، ردّاً على الربّ في قوله: { وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ }.