التفاسير

< >
عرض

فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ
٣١
وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ
٣٢
ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ
٣٣
أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ
٣٤
ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ
٣٥
أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى
٣٦
-القيامة

جامع البيان في تفسير القرآن

.

يقول تعالى ذكره: فلم يصدّق بكتاب الله، ولم يصلّ له صلاة، ولكنه كذّب بكتاب الله، وتولى فأدبر عن طاعة الله. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { فلا صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى } لا صدّق بكتاب الله، ولا صلى لله، { وَلَكِنْ كَذَّبَ وتَوَلَّى } كذّب بكتاب الله، وتولى عن طاعة الله.

وقوله { ثُمَّ ذَهَبَ إلى أهْلِهِ يَتَمَطَّى } يقول تعالى ذكره: ثم مضى إلى أهله منصرفاً إليهم، يتبختر في مشِيته. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { ثُمَّ ذَهَبَ إلى أهْلِهِ يَتَمَطَّى }: أي يتبختر.

حدثني سعيد بن عمرو السكوني، قال: ثنا بقية بن الوليد، عن ميسرة بن عبيد، عن زيد بن أسلم، في قوله: { ثُمَّ ذَهَبَ إلى أهْلِهِ يَتَمَطَّى } قال: يتبختر، قال: هي مشية بني مخزوم.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن موسى بن عبيدة، عن إسماعيل بن أمية، عن مجاهد { ذَهَبَ إلى أهْلِهِ يَتَمَطَّى } قال: رأى رجلاً من قريش يمشي، فقال: هكذا كان يمشي كما يمشي هذا، كان يتبختر.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله { يَتَمَطَّى } قال: يتبختر وهو أبو جهل ابن هشام، كانت مِشيته.

وقيل: إن هذه الآ ية نزلت في أبي جهل.

ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { يَتَمَطَّى } قال: أبو جهل.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إلى أهْلِهِ يَتَمَطَّى } قال: هذا في أبي جهل متبختراً.

وإنما عُني بقوله { يَتَمَطَّى } يلوي مطاه تبختراً، والمطا: هو الظهر، ومنه الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا مَشَتْ أُمَّتِي المُطَيطَاءَ" وذلك أن يلقي الرجل بيديه ويتكفأ.

وقوله { أوْلَى لَكَ فأَوْلَى ثُمَّ أوْلَى لَكَ فأَوْلَى } هذا وعيد من الله على وعيد لأبي جهل، كما:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { أوْلَى لَكَ فأَوْلَى ثُمَّ أوْلَى لَكَ فأَوْلَى } وعيد على وعيد، كما تسمعون، زعم أن هذا أنزل في عدوّ الله أبي جهل. ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم أخذ بمجامع ثيابه فقال: { أَوْلَى لَكَ فأَوْلى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فأَوْلَى } فقال عدوّ الله أبو جهل: أيوعدني محمد والله ما تستطيع لي أنت ولا ربك شيئاً والله لأنا أعزّ من مشى بين جبليها..

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: أخذ النبيّ صلى الله عليه وسلم بيده، يعني بيد أبي جهل، فقال: { أوْلَى لَكَ فأَوْلَى ثُمَّ أوْلَى لكَ فأَوْلَى } فقال: يا محمد ما تستطيع أنت وربك فيّ شيئاً، إني لأعزّ من مشى بين جبليها فلما كان يوم بدر أشرف عليهم فقال: لا يُعبد الله بعد هذا اليوم، وضرب الله عنقه، وقتله شرّ قِتلة.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { أوْلَى لَكَ فأَوْلَى ثُمَّ أوْلَى لَكَ فأَوْلى } قال: قال أبو جهل: إن محمداً ليوعدني، وأنا أعزّ أهل مكة والبطحاء، وقرأ { فَلْيَدْعُ نادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ واقْتَرِبْ } .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، قال: قلت لسعيد بن جُبير: أشيء قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم من قِبَل نفسه، أم أمر أمره الله به؟ قال: بل قاله من قِبَل نفسه، ثم أنزل الله: { أوْلَى لَكَ فأَوْلَى ثُمَّ أوْلَى لَكَ فأَوْلَى }.

وقوله: { أيَحْسَبُ الإنْسانُ أنْ يُتْرَكَ سُدًى } يقول تعالى ذكره: أيظنّ هذا الإنسان الكافر بالله أن يترك هملاً، أن لا يؤمر ولا ينهى، ولا يتعبد بعبادة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: { أيَحْسَبُ الإنْسانُ أنْ يُتْرَكَ سُدًى } يقول: هملاً.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { أيَحْسَبُ الإنْسانُ أنْ يُتْرَكَ سُدًى } قال: لا يُؤمر، ولا يُنْهى.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { أيَحْسَبُ الإنْسانُ أنْ يُتْرَكَ سُدًى } قال: السديّ: الذي لا يفترض عليه عمل ولا يعمل.