. يقول تعالى ذكره: { نحن خلقنا } هؤلاء المشركين بالله المخالفين أمره ونهيه { وَشَدَدْنا أسْرَهُمْ }: وشددنا خلقهم، من قولهم: قد أُسِر هذا الرجل فأُحسِن أسره، بمعنى: قد خُلِقَ فأُحسِن خَلْقه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أسْرَهُمْ } يقول: شددنا خلقهم.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: { وَشَدَدْنا أسْرَهُمْ } قال: خَلْقهم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَشَدَدْنا أسْرَهُمْ }: خَلْقهم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.
وقال آخرون: الأَسْر: المفاصل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، سمعته، يعني خلاداً يقول: سمعت أبا سعيد، وكان قرأ القرآن على أبي هريرة قال: ما قرأت القرآن إلا على أبي هريرة، هو أقرأني، وقال في هذه الآية { وَشَدَدْنا أسْرَهُمْ } قال: هي المفاصل.
وقال آخرون: بل هو القوّة.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وَشَدَدْنا أسْرَهُمْ } قال: الأسر: القوّة.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب القول الذي اخترناه، وذلك أن الأسر، هو ما ذكرت عند العرب ومنه قول الأخطل:
مِنْ كلّ مُجْتَنَبٍ شَدِيدٍ أسْرُه سَلِسِ الْقِيادِ تَخالُهُ مُخْتالاَ
ومنه قول العامة: خذه بأسره: أي هو لك كله. وقوله: { وَإذَا شِئْنا بَدَّلْنا أمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً } يقول: وإذا نحن شئنا أهلكنا هؤلاء وجئنا بآخرين سواهم من جنسهم أمثالهم من الخلق، مخالفين لهم في العمل. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { بَدَّلْنا أمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً } قال: بني آدم الذين خالفوا طاعة الله، قال: وأمثالهم من بني آدم.
وقوله: { إنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ } يقول: إن هذه السورة تذكرة لمن تذكر واتعظ واعتبر. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة في قوله: { إنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ } قال: إن هذه السورة تذكرة.
وقوله: { فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلاً } يقول: فمن شاء أيها الناس اتخذ إلى رضا ربه بالعمل بطاعته، والانتهاء إلى أمره ونهيه، سبيلاً.