التفاسير

< >
عرض

إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ
١
وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ
٢
وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيِّرَتْ
٣
وَإِذَا ٱلْعِشَارُ عُطِّلَتْ
٤
-التكوير

جامع البيان في تفسير القرآن

.

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: { إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } فقال بعضهم: معنى ذلك: إذا الشمس ذهب ضوؤُها. ذكر من قال ذلك:

حدثنا الحسين بن الحريث، قال: ثنا الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، قال: ثني أبيّ بن كعب، قال: ستّ آيات قبل يوم القيامة: بينا الناس في أسواقهم، إذ ذهب ضوء الشمس، فبينما هم كذلك، إذ تناثرت النجوم، فبينما هم كذلك، إذ وقعت الجبال على وجه الأرض، فتحرّكت واضطربت واحترقت، وفزَعت الجنّ إلى الإنس، والإنس إلى الجنّ، واختلطت الدوابّ والطير والوحش، وماجوا بعضهم في بعض { وَإذَا الوُحُوشُ حُشِرَتْ } قال: اختلطت { وَإذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ } قال: أهملها أهلها { وَإذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ } قال: قالت الجنّ للإنس: نحن نأتيكم بالخبر قال: فانطلقوا إلى البحار، فإذا هي نار تأجَّج قال: فبينما هم كذلك إذ تصدّعت الأرض صدعة واحدة، إلى الأرض السابعة السفلى، وإلى السماء السابعة العليا قال: فبينما هم كذلك إذ جاءتهم الريح فأماتتهم.

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { إذَا الشِّمْسُ كُوِّرَتْ } يقول: أظلمت.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله { إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } يعني: ذهبت.

حدثني محمد بن عُمارة، حدثني عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد { إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } قال: اضمحلت وذهبت.

حدثنا ابن بشار وابن المثنى، قالا: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، في قوله: { إذَا الشِّمْسُ كُوِّرَتْ } قال: ذهب ضوءُها فلا ضوء لها.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب القمي، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: { إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } قال: غُوِّرت، وهي بالفارسية، كور تكور.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: { إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } أما تكوير الشمس: فذهابها.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد، في قوله { إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } قال: كوّرت كوراً بالفارسية.

وقال آخرون: معنى ذلك: رُمي بها. ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثام بن عليّ، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، في قوله: { إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } قال: نُكِّست.

حدثني محمد بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا محمد بن بشر، قال: ثنا إسماعيل، عن أبي صالح مثله.

حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا بدل بن المحبر، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت إسماعيل، سمع أبا صالح في قوله { إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } قال: أُلقيت.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي يَعْلَى، عن ربيع بن خيثم { إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } قال: رُمِي بها.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي يعلى، عن الربيع بن خيثم، مثله.

والصواب من القول في ذلك عندنا: أن يقال { كُوِّرَتْ } كما قال الله جلّ ثناؤه والتكوير في كلام العرب: جمع بعض الشيء إلى بعض، وذلك كتكوير العمامة، وهو لفها على الرأس، وكتكوير الكارة، وهي جمع الثياب بعضها إلى بعض، ولفها، وكذلك قوله: { إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } إنما معناه: جمع بعضها إلى بعض، ثم لفت فرمي بها، وإذا فعل ذلك بها ذهب ضوءُها. فعلى التأويل الذي الذي تأوّلناه وبيَّناه لكلا القولين اللذين ذكرت عن أهل التأويل، وجه صحيح، وذلك أنها إذا كُوِّرت ورُمي بها، ذهب ضوءُها.

وقوله: { وَإذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ } يقول: وإذا النجوم تناثرت من السماء فتساقطت، وأصل الانكدار: الانصباب، كما قال العجاج:

أبْصَرَ خِرْبانَ فَضَاءٍ فانْكَدَرْ

يعني بقوله: انكدر: انصبّ. ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي يعلى، عن الربيع بن خيثم { وَإذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ } قال: تناثرت.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي يعلى، عن الربيع بن خيثم، مثله.

حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله، قال: أخبرنا إسرائيل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد { وَإذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ } قال: تناثرت.

حدثني محمد بن موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا محمد بن بشر، قال: ثنا إسماعيل، عن أبي صالح، في قوله { وَإذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ } قال: انتثرت.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَإذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ } قال: تساقطت وتهافتت.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وَإذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ } قال: رمي بها من السماء إلى الأرض.

وقال آخرون: انكدرت: تغيرت. ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس { وَإذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ } يقول: تغيرت.

وقوله: { وَإذَا الجَبالُ سُيِّرَتْ } يقول: وإذا الجبال سيرها الله، فكانت سراباً، وهباء منبثاً. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد { وَإذَا الجِبالُ سُيِّرَتْ } قال: ذهبت.

قوله: { وَإذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ } والعشار: جمع عشراء، وهي التي قد أتى عليها عشرة أشهر من حملها. يقول تعالى ذكره: وإذا هذه الحوامل التي يَتنافس أهلها فيها أُهملت فتركت، من شدّة الهول النازل بهم، فكيف بغيرها؟ وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

حدثنا الحسين بن الحريث، قال: ثنا الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، قال: ثني أبيّ بن كعب { وَإذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ } قال: إذا أهملها أهلها.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي يعلى، عن الربيع بن خيثم { وَإذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ } قال: خلا منها أهلها لم تُحلَب ولم تُصَرّ.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي يعلى، عن الربيع بن خيثم { وَإذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ } قال: لم تحلب ولم تُصَرّ، وتخلى منها أربابها.

حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، في قول الله: { وَإذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ } قال: سُيِّبت: تُرِكت.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: { وَإذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ } قال: عِشار الإبل.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا هوذة، قال: ثنا عوف، عن الحسن { وَإذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ } قال: سيبها أهلها فلم تصر، ولم تحلب، ولم يكن في الدنيا مال أعجب إليهم منها.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة { وَإذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ } قال: عشار الإبل سُيِّبت.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: { وَإذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ } يقول: لا راعيَ لها.