التفاسير

< >
عرض

إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ
٢٧
لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ
٢٨
وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ
٢٩
-التكوير

جامع البيان في تفسير القرآن

.

يقول تعالى ذكره: { إنْ } هذا القرآن، وقوله: { هُوَ } من ذكر القرآن { إلاَّ ذِكْرٌ للْعالَمِينَ } يقول: إلا تذكرة وعظة للعالَمين من الجنّ والإنس { لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أنْ يَسْتَقِيمَ } فجعل ذلك تعالى ذكره، ذكراً لمن شاء من العالَمِين أن يستقيم، ولم يجعله ذكراً لجميعهم، فاللام في قوله: { لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ } إبدال من اللام في للعالمَين. وكان معنى الكلام: إن هو إلا ذكر لمن شاء منكم أن يستقيم على سبيل الحقّ فيتبعه، ويؤمن به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أنْ يَسْتَقِيمَ } قال: يتبع الحقّ.

وقوله: { وَما تَشاءُونَ إلاَّ أنْ يَشاءَ اللّهَ رَبُّ العالَمِينَ } يقول تعالى ذكره: وما تشاءون أيها الناس الاستقامة على الحقّ، إلا أن يشاء الله ذلك لكم وذُكر أن السبب الذي من أجله نزلت هذه الآية ما:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بن موسى، لما نزلت { لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أنْ يَسْتَقِيمَ } قال أبو جهل: ذلك إلينا، إن شئنا استقمنا، فنزلت: { وَما تَشاءُونَ إلاَّ أنْ يَشاءَ اللّهُ رَب الْعَالَمِينَ }.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بن موسى، قال: لما نزلت هذه الآية: { لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أنْ يَسْتَقِيمَ } قال أبو جهل: الأمر إلينا، إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لم نستقم، فأنزل الله: { وَما تَشاءُونَ إلاَّ أنْ يَشاءَ اللّهُ رَبُّ العالَمِينَ }.

حدثني ابن البَرْقيّ، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد، عن سليمان بن موسى، قال: لما نزلت هذه الآية: { لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أنْ يَسْتَقِيمَ } قال أبو جهل: ذلك إلينا، إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لم نستقم، فأنزل الله: { وَما تَشاءُونَ إلاَّ أنْ يَشاءَ اللّهُ رَبُّ العالَمِينَ }.