التفاسير

< >
عرض

فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلشَّفَقِ
١٦
وَٱللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ
١٧
وَٱلْقَمَرِ إِذَا ٱتَّسَقَ
١٨
لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ
١٩
فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ
٢٠
وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ ٱلْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ
٢١
-الانشقاق

جامع البيان في تفسير القرآن

.

وهذا قَسَم أقسم ربنا بالشفق، والشفق: الحمرة في الأفق من ناحية المغرب من الشمس في قول بعضهم.

واختلف أهل التأويل في ذلك، فقال بعضهم: هو الحمرة كما قلنا، وممن قال ذلك جماعة من أهل العراق. وقال آخرون: هو النهار. ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسيّ، قال: ثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا العوّام بن حَوْشَب، قال: قلت لمجاهد: الشفق، قال: لا تقل الشفق، إنّ الشفق من الشمس، ولكن قل: حمرة الأفق.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: الشَّفق، قال: النهار كله.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد { فَلا أُقْسِمُ بالشَّفَقِ } قال: النهار.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، مثله.

وقال آخرون: الشفَق: هو اسم للحمرة والبياض، وقالوا: هو من الأضداد.

والصواب من القول في ذلك عندي: أن يقال: إن الله أقسم بالنهار مدبراً، والليل مقبلاً. وأما الشفَق الذي تحُلّ به صلاة العشاء، فإنه للحمرة عندنا، للعلة التي قد بيَّنَّاها في كتابنا كتاب الصلاة.

وقوله: { وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ } يقول: والليل وما جمع، مما سكن وهدأ فيه من ذي روح كان يطير، أو يَدِب نهاراً، يقال منه: وسَقْتُه أسِقُه وَسْقاً، ومنه: طعام موسُوق، وهو المجموع في غرائر أو وعاء، ومنه الوَسْق، وهو الطعام المجتع الكثير، مما يُكال أو يُوزن، يقال: هو ستون صاعاً، وبه جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { وَما وَسَقَ } يقول: وما جَمَعَ.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد، عن ابن عباس في هذه الآية { وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ } قال: وما جَمَع. وقال ابن عباس:

مُسْتَوْسِقاتٍ لَوْ يَجِدْنَ سائِقَا

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، قال: سأل حفص الحسن عن قوله: { وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ } قال: وما جمع.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد { وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ } قال: وما جمع، يقول: ما آوى فيه من دابَّة.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد { وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ }: وما لفّ.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد { وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ } قال: وما أظلم عليه، وما أدخل فيه. وقال ابن عباس:

مُسْتَوْسِقاتٍ لَوْ يَجِدْنَ حادِيا

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ } يقول: وما جمع من نجم أو دابة.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة { وَما وَسق } قال: وما جمع.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ } قال: وما جمع، مجتمع فيه الأشياء التي يجمعها الله، التي تأوي إليه، وأشياء تكون في الليل لا تكون في النهار، ما جمع مما فيه ما يأوي إليه، فهو مما جمع.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عمرو، عن منصور، عن مجاهد { وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ } يقول: ما لُفّ عليه.

قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، مثله.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد { وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ } قال: وما دخل فيه.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي الهيثم، عن سعيد بن جبير { وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ }: وما جمع.

قال: ثنا وكيع، عن نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس { وَما وَسَقَ }: وما جمع، ألم تسمع قول الشاعر:

مُسْتَوْسِقاتِ لَمْ يَجِدْنَ سائِقا

حدثنا هناد، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرِمة، في قوله: { وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ } قال: ما حاز إذا جاء الليل.

وقال آخرون: معنى ذلك: وما ساق. ذكر من قال ذلك:

حدثنا عبد الله بن أحمد المَرْوَزيّ، قال: ثنا عليّ بن الحسن، قال: ثنا حسين، قال: سمعت عكرمة وسئل { وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ } قال: ما ساق من ظلمة، فإذَا كان الليل، ذهب كلّ شيء إلى مأواه.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسن، عن عكرِمة { وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ } يقول: ما ساق من ظلمة، إذا جاء الليل ساق كلّ شيء إلى مأواه.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: { وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ } قال: ما ساق معه من ظلمة إذا أقبل.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله { وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ } يعني: وما ساق الليل من شيء جمعه النجوم، ويقال: والليل وما جمع.

وقوله: { والقَمَرِ إذَا اتَّسَقَ } يقول: وبالقمر إذا تمّ واستوى. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله { وَالْقَمَرِ إذَا اتَّسَقَ } يقول: إذا استوى.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس { وَالْقَمَرِ إذَا اتَّسَقَ } قال: إذا اجتمع واستوى.

حدثنا هناد، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرِمة { والْقَمَرِ إذَا اتَّسَقَ } قال: إذا استوى.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، عن أبي رجاء، قال: سأل حفص الحسن، عن قوله: { والقَمَرِ إذَا اتَّسَقَ } قال: إذا اجتمع، إذا امتلاُ.

حدثني أبو كدينة، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد، في قوله: { والقَمَرِ إذَا اتَّسَقَ } قال: لثلاث عَشْرة.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، مثله.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، مثله.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عمرو، عن منصور، عن مجاهد، مثله.

قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، مثله.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله { إذَا اتَّسَقَ } قال: إذا استوى.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي الهيثم، عن سعيد بن جبير { والْقَمَرِ إذَا اتَّسَقَ }: إذا استوى.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة { إذَا اتَّسَقَ }: إذا استدار.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { والْقَمَرِ إذَا اتَّسَقَ }: إذا استوى.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: { والْقَمَرِ إذَا اتَّسَقَ } قال: إذا اجتمع فاستوى.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { والْقَمَرِ إذَا اتَّسَقَ } قال: إذا استوى.

وقوله: { لَترْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ } اختلفت القرّاء في قراءته، فقرأه عمر بن الخطاب وابن مسعود وأصحابه، وابن عباس وعامة قرّاء مكة والكوفة: «لَترْكَبَنَّ» بفتح التاء والباء. واختلف قارئو ذلك كذلك في معناه، فقال بعضهم: لتركَبنّ يا محمد أنت حالاً بعد حال، وأمراً بعد أمر من الشدائد. ذكر من قال ذلك:

حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن مجاهد، أن ابن عباس كان يقرأ: «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» يعني نبيكم صلى الله عليه وسلم حالاً بعد حال.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن عُلَية، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن رجل حدّثه، عن ابن عباس في «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» قال: منزلاً بعد منزل.

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» يقول: حالاً بعد حال.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» يعني: منزلاً بعد منزل، ويقال: أمراً بعد أمر، وحالاً بعد حال.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، قال: سمعت مجاهداً، عن ابن عباس «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» قال: محمد صلى الله عليه وسلم.

حدثنا هناد، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرِمة في قوله «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» قال: حالاً بعد حال.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا هَوْذة، قال: ثنا عوف، عن الحسن، في قوله «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» قال: حالاً بعد حال.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، قال: سأل حفص الحسن عن قوله: «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» قال: منزلاً عن منزل، وحالاً عن حال.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شريك، عن موسى بن أبي عائشة، قال: سألت مرّة عن قوله: «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» قال: حالاً بعد حال.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد «لَترْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» قال: حالاً بعد حال.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» قال: حالاً عن حال.

قال: ثنا وكيع، عن نصر، عن عكرِمة، قال: حالاً بعد حال.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» قال: لتركبَنّ الأمور حالاً بعد حال.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» يقول: حالاً بعد حال، ومنزلاً عن منزل.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: «لتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» منزلاً بعد منزل، وحالاً بعد حال.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عمرو، عن منصور، عن مجاهد «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» قال: أمراً بعد أمر.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» قال: أمراً بعد أمر.

وقال آخرون ممن قرأ هذه المقالة، وقرأ هذه القراءة عُنِي بذلك: لتركبنّ أنت يا محمد سماء بعد سماء. ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: قال الحسن وأبو العالية «لَترْكَبَنَّ» يعني محمداً صلى الله عليه وسلم { طَبَقاً عنْ طَبَقٍ } السموات.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جابر، عن أبي الضحى، عن مسروق «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» قال: أنت يا محمد سماء عن سماء.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن إسماعيل، عن الشعبيّ، قال: سماء بعد سماء.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر، عن علقمة، عن عبد الله، قال: سماء فوق سماء.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: لتركَبُنّ الآخرة بعد الأولى. ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» قال: الآخرة بعد الأولى.

وقال آخرون ممن قرأ هذه القراءة: إنما عُنِي بذلك أنها تتغير ضروباً من التغيير، وتُشَقَّقُ بالغمام مرّة، وتحمرّ أخرى، فتصير وَرْدة كالدهان، وتكون أخرى كالمهل. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن قيس بن وهب، عن مرّة، عن ابن مسعود «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» قال: السماء مرّة كالدِّهان، ومرّة تَشَقَّق.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: سمعت أبا الزرقاء الهَمْداني، وليس بأبي الزرقاء الذي يحدِّث في المسح على الجوربين، قال: سمعت مُرّة الهمداني، قال: سمعت عبد الله يقول في هذه الآية: «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» قال: السماء.

حدثني عليّ بن سعيد الكندىّ، قال: ثنا عليّ بن غراب، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الله في قوله: «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» قال: هي السماء تغبرّ وتحمرّ وتَشَقَّق.

حدثنا أبو السائب، قال: ثني أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الله، في قوله: «لَترْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» قال: هي السماء تَشَقَّق، ثم تحمرّ، ثم تنفطر قال: وقال ابن عباس: حالاً بعد حال.

حدثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: قرأ عبد الله هذا الحرف: «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» قال: السماء حالاً بعد حال، ومنزلة بعد منزلة.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الله «لَترْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» قال: هي السماء.

حدثنا مهران، عن سفيان، عن أبي فروة، عن مرّة، عن ابن مسعود أنه قرأها نصباً، قال: هي السماء.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الله، قال: هي السماء تغير لوناً بعد لون.

وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة وبعض الكوفيين: { لَترْكَبُنَّ } بالتاء، وبضمّ الياء، على وجه الخطاب للناس كافة، أنهم يركبون أحوال الشدة حالاً بعد حال. وقد ذكر بعضهم أنه قرأ ذلك بالياء، وبضم الباء، على وجه الخبر عن الناس كافة، أنهم يفعلون ذلك.

وأولى القراءات في ذلك عندي بالصواب: قراءة من قرأ بالتاء وبفتح الباء، لأن تأويل أهل التأويل من جميعهم بذلك ورد وإن كان للقراءات الأُخَر وجوه مفهومة. وإذا كان الصواب من القراءة في ذلك ما ذكرنا، فالصواب من التأويل قول من قال: «لَترْكَبَنَّ» أنت يا محمد حالاً بعد حال، وأمراً بعد أمر من الشدائد. والمراد بذلك، وإن كان الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم موجهاً، جميع الناس، أنهم يلقون من شدائد يوم القيامة وأهواله أحوالاً.

وإنما قلنا: عُنِي بذلك ما ذكرنا، أن الكلام قبل قوله: { لَترْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ } جرى بخطاب الجميع، وكذلك بعده، فكان أشبه أن يكون ذلك نظير ما قبله وما بعده.

وقوله: { طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ } من قول العرب: وقع فُلان في بنات طَبَق: إذا وقع في أمر شديد.

وقوله: { فَمَالَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ } يقول تعالى ذكره: فما لهؤلاء المشركين لا يصدّقون بتوحيد الله، ولا يقرّون بالبعث بعد الموت، وقد أقسم لهم ربهم بأنهم راكبون طبقاً عن طبق، مع ما قد عاينوا من حججه بحقيقة توحيده. وقد:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله { فَمَالَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ }: قال: وبهذا الحديث، وبهذا الأمر.

وقوله: { وَإذَا قُرِىءَ عَلَيْهمُ القُرآنُ لا يَسْجُدُونَ } يقول تعالى ذكره: وإذا قُرىء عليهم كتاب ربهم لا يخضعون ولا يستكينون وقد بيَّنا معنى السجود قبلُ بشواهده، فأغنى ذلك عن إعادته.