التفاسير

< >
عرض

وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ
١١
وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ
١٢
إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ
١٣
وَمَا هوَ بِٱلْهَزْلِ
١٤
إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً
١٥
وَأَكِيدُ كَيْداً
١٦
فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً
١٧
-الطارق

جامع البيان في تفسير القرآن

.

يقول تعالى ذكره: { وَالسَّماءِ ذَاتِ الرَّجْعِ } ترْجع بالغيوم وأرزاق العباد كلّ عام ومنه قول المتنخِّل في صفة سيف:

أبْيَضُ كالرَّجْعِ رَسُوبٌ إذَا ما ثاخَ فِي مُحْتَفَلٍ يَخْتَلِي

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مِهران، قال: ثنا سفيان، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس. { وَالسَّماءِ ذَاتِ الرَّجْعِ } قال: السحاب فيه المطر.

حدثنا عليّ بن سهل، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن خَصِيف، عن عكِرمة، عن ابن عباس في قوله: { وَالسَّماءِ ذَاتِ الرَّجْعِ } قال: ذات السحاب فيه المطر.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: { وَالسَّماءِ ذَاتِ الرَّجْعِ } يعني بالرجع: القطر والرزق كلّ عام.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: { وَالسَّماءِ ذَاتِ الرَّجْعِ } قال: ترجع بأرزاق الناس كلّ عام قال أبو رجاء: سُئل عنها عكرِمة، فقال: رجعت بالمطر.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { ذَاتِ الرَّجْعِ } قال: السحاب يمطر، ثم يَرجع بالمطر.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَالسَّماءِ ذَاتِ الرَّجْعِ } قال: ترجع بأرزاق العباد كلّ عام، لولا ذلك هَلكوا وهلَكت مواشيهم.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله: { وَالسَّماءِ ذَاتِ الرَّجْعِ } قال: ترجع بالغيث كلّ عام.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: { وَالسَّماءِ ذَاتِ الرَّجْعِ } يعني: المطر.

وقال آخرون: يعني بذلك: أن شمسها وقمرها يغيب ويطلُع. ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وَالسَّماءِ ذَاتِ الرَّجْعِ } قال: شمسها وقمرها ونجومها يأتين من ها هنا.

وقوله: { وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ } يقول تعالى ذكره: والأرض ذات الصدع بالنبات. وبنحو الذي قلنافي ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن خَصِيف، عن عكرِمة، عن ابن عباس { وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ } قال: ذات النبات.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: { وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ } يقول: صدعها إخراج النبات في كلّ عام.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، عن أبي رجاء، عن الحسن { وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ } قال: هذه تصدع عما تحتها قال أبو رجاء: وسُئل عنها عكرِمة، فقال: هذه تصدع عن الرزق.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، عن ابن أبي نجيح، قال مجاهد { وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدعِ } مثل المأزم مَأْزِمِ مِنًى.

حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد { وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ } قال: الصدع: مثل المأْزِم، غير الأودية وغير الجُرُف.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ } تصدع عن الثمار وعن النبات، كما رأيتم.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة { وَالأرْضِ ذات الصَّدْعِ } قال: تصدع عن النبات.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ } وقرأ: { { ثُمَّ شَقَقْنا الأرْضَ شَقًّا فَأنْبَتْنا فِيه حَبّاً وَعِنَباً وَقَضْباً } إلى آخر الآية، قال: صدعها للحرث.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: { والأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ }: النبات.

وقوله: { إنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ } يقول تعالى ذكره: إن هذا القول وهذا الخبر لقول فصل: يقول: لقول يفصل بين الحقّ والباطل ببيانه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف منهم في العبارة عنه، فقال بعضهم: لقول حقّ.

وقال بعضهم: لقول حُكْم. ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { إنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ } يقول: حقّ.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { إنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ }: أي حُكْم.

وقوله: { وَما هُوَ بالهَزْلِ } يقول: وما هو باللعب ولا الباطل. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { وَما هُوَ بِالْهَزْلِ } يقول: بالباطل.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { وَما هُوَ بِالْهَزْلِ } قال: باللعب.

وقوله: { إنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً } يقول تعالى ذكره: إن هؤلاء المكذّبين بالله ورسوله والوعد والوعيد يمكرون مكراً.

وقوله: { وَأَكِيدُ كَيْداً } يقول: وأمكر مكراً ومكره جلّ ثناؤه بهم: إملاؤه إياهم على معصيتهم وكفرهم به.

وقوله: { فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فمهِّل يا محمد الكافرين ولا تعجلْ عليهم { أمْهِلْهُمْ رُوَيْداً } يقول: أمهلهم آناً قليلاً، وأنظرهم للموعد الذي هو وقت حلول النقمة بهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً } يقول: قريباً.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً } الرويد: القليل.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { فَمَهَّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً } قال: مَهِّلهم، فلا تعجل عليهم تَرْكَهُمْ، حتى لما أراد الانتصار منهم، أمره بجهادهم وقتالهم، والغلظة عليهم.