التفاسير

< >
عرض

وَأَذَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوْمَ ٱلْحَجِّ ٱلأَكْبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيۤءٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
٣
-التوبة

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالى ذكره: وإعلام من الله ورسوله إلى الناس يوم الحجّ الأكبر. وقد بيَّنا معنى الأذان فيما مضى من كتابنا هذا بشواهده.

وكان سليمان بن موسى يقول في ذلك ما:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: زعم سليمان بن موسى الشامي أنه قوله: { وأذانٌ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ } قال: الأذان القصص، فاتحة براءة حتى تختم: { { وإنْ خفتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ } فذلك ثمان وعشرون آية.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وأذانٌ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ } قال: إعلام من الله ورسوله.

ورفع قوله: { وأذانٌ مِنَ اللَّهِ } عطفاً على قوله: { بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ } كأنه قال: هذه براءة من الله ورسوله، وأذان من الله.

وأما قوله: { يَوْمُ الحَجّ الأكْبَرِ } فإنه قيل اختلافاً بين أهل العلم، فقال بعضهم: هو يوم عرفة. ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: أخبرنا أبو زرعة، وهبة الله بن راشد، قالا: أخبرنا حيوة بن شريح، قال: أخبرنا أبو صخر، أنه سمع أبا معاوية البجلي من أهل الكوفة يقول: سمعت أبا الصهباء البكري، وهو يقول: سألت عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه عن يوم الحجّ الأكبر، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه يقيم للناس الحجّ، وبعثني معه بأربعين آية من براءة، حتى أتى عرفة، فخطب الناس يوم عرفة فلما قضى خطبته التفت إليّ، فقال قم يا عليّ وأدّ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت فقرأت عليهم أربعين آية من براءة ثم صدرنا حتى أتينا منى، فرميت الجمرة، ونحرت البدنة، ثم حلقت رأسي، وعلمت أن أهل الجمع لم يكونوا حضروا خطبة أبي بكر يوم عرفة، فطفقت أتتبع بها الفساطيط أقرؤها عليهم، فمن ثم إخال حسبتم أنه يوم النحر، ألا وهو يوم عرفة.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، قال: سألت أبا جحيفة عن يوم الحجّ الأكبر، فقال: يوم عرفة، فقلت: أمن عندك أو من أصحاب محمد؟ قال: كل ذلك.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، عن عطاء، قال: الحجّ الأكبر: يوم عرفة.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن عمر بن الوليد الشني، عن شهاب بن عباد العصري، عن أبيه، قال: قال عمر رضي الله عنه: يوم الحجّ الأكبرّ: يوم عرفة. فذكرته لسعيد بن المسيب، فقال: أخبرك عن ابن عمر أن عمر قال: الحجّ الأكبر: عرفة.

حدثني الحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا عمر بن الوليد الشني، قال: ثنا شهاب بن عباد العصري، عن أبيه، قال: سمعت عمر بن الخطاب رحمة الله عليه يقول: هذا يوم عرفة يوم الحجّ الأكبر فلا يصومنه أحد قال: فحججت بعد أبي، فأتيت المدينة، فسألت عن أفضل أهلها، فقالوا: سعيد بن المسيب. فأتيته فقلت: إني سألت عن أفضل أهل المدينة، فقالوا: سعيد بن المسيب، فأخبرني عن صوم يوم عرفة فقال: أخبرك عمن هو أفضل مني أضعافا: عمر أو ابن عمر، كان ينهى عن صومه، ويقول: هو يوم الحجّ الأكبر.

حدثني الحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا عبد الصمد بن حبيب، عن معقل بن داود، قال: سمعت ابن الزبير يقول: يوم عرفة هذا يوم الحجّ الأكبر فلا يصمه أحد.

حدثني الحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا غالب بن عبيد الله، قال: سألت عطاء عن يوم الحجّ الأكبر: فقال: يوم عرفة، فأفض منها قبل طلوع الفجر.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج، قال: أخبرني محمد بن قيس ابن مخرمة قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم عشية عرفة، ثم قال: «أمّا بَعْدُ» وكان لا يخطب إلا قال: «أما بعد» "فإنَّ هذَا يَوْم الحَجِّ الأكْبَرِ" .

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا عبد الوهاب، عن مجاهد، قال: يوم الحجّ الأكبر: يوم عرفة.

حدثني الحرث، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا إسحاق بن سليمان، عن سلمة بن محب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: يوم الحجّ الأكبر يوم عرفة.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني طاوس، عن أبيه، قال: قلنا: ما الحجّ الأكبر؟ قال: يوم عرفة.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: أخبرنا ابن جريج، عن محمد بن قيس بن مخرمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب يوم عرفة فقال: "هَذَا يَوْمُ الحَجّ الأكْبَرِ" .

وقال آخرون: هو يوم النحر. ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن عليّ، قال: يوم الحجّ الأكبر يوم النحر.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا مصعب بن سلام، عن الأجلح، عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن علي قال: يوم الحجّ الأكبر يوم النحر.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عنبسة، عن أبي إسحاق، عن الحرث، قال: سألت علياً عن الحجّ الأكبر، فقال: هو يوم النحر.

حدثنا ابن أبي الشوارب، قال: ثنا عبد الواحد، قال: ثنا سليمان الشيباني، قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى، عن الحجّ الأكبر، قال: فقال يوم النحر.

حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عياش العامري، عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: يوم الحج الأكبر يوم النحر.

قال: ثنا سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: يوم الحجّ الأكبر يوم النحر.

حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن عبد الملك، قال: دخلت أنا وأبو سلمة على عبد الله بن أبي أوفى، قال: فسألته عن يوم الحجّ الأكبر، فقال: يوم النحر، يوم يهراق فيه الدم.

حدثنا عبد الحميد بن بيان، قال: أخبرنا إسحاق، عن سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الله، قال: يوم الحجّ الأكبر يوم النحر.

حدثنا أبو كريب وأبو السائب، قالا: ثنا ابن إدريس، عن الشيبانيّ، قال: سألت ابن أبي أوفى عن يوم الحجّ الأكبر؟ قال: يوم النحر.

حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا الشيباني، عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: يوم الحجّ الأكبر يوم النحر.

قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا عبد الملك بن عمير، قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى، وسئل عن قوله: { يَوْمُ الحَجّ الأكْبَرِ } قال: هو اليوم الذي يراق فيه الدم ويحلق فيه الشعر.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت يحيى بن الجزار يحدّث عن عليّ: أنه خرج يوم النحر على بغلة بيضاء يريد الجبانة، فجاءه رجل فأخذ بلجام بغلته، فسأله عن الحجّ الأكبر، فقال: هو يومك هذا، خلّ سبيلها.

حدثنا عبد الحميد بن بيان، قال: ثنا إسحاق، عن مالك بن مغول وشتير، عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن عليّ، قال: يوم الحجّ الأكبر يوم النحر.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عيينة، عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن عليّ، قال: سئل عن يوم الحجّ الأكبر، قال: هو يوم النحر.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن شعبة، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار، عن عليّ، أنه لقيه رجل يوم النحر، فأخذ بلجامه، فسأله عن يوم الحجّ الأكبر، قال: هو هذا اليوم.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن آدم، عن قيس، عن عبد الملك بن عمير وعياش العامري، عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: هو اليوم الذي يهراق فيه الدماء.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عيينة، عن عبد الملك بن عمير، عن ابن أبي أوفى، قال: الحجّ الأكبر، يوم تهراق فيه الدماء، ويحلق فيه الشعر، ويحلّ فيه الحرام.

حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي، قال: ثنا يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن عبد الله بن يسار، قال: ثنا المغيرة بن شعبة يوم الأضحى على بعير، فقال: هذا يوم الأضحى، وهذا يوم النحر، وهذا يوم الحجّ الأكبر.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن الأعمش، عن عبد الله بن يسار، قال: خطبنا المغيرة بن شعبة يوم الأضحى على بعير، وقال: هذا يوم الأضحى، وهذا يوم النحر، وهذا يوم الحجّ الأكبر.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن الأعمش، عن عبد الله بن يسار، قال: خطبنا المغيرة بن شعبة، فذكر نحوه.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن حماد بن سلمة، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: الحجّ الأكبر يوم النحر.

حدثنا ابن أبي الشوارب، قال: ثنا عبد الواحد، قال: ثنا سليمان الشيباني، قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: الحجّ الأكبر يوم النحر.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة، قال: الحجّ الأكبر: يوم النحر.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، قال: اختصم عليّ بن عبد الله بن عباس ورجل من آل شيبة في يوم الحجّ الأكبر، قال عليّ: هو يوم النحر، وقال الذي من آل شيبة: هو يوم عرفة. فأرسل إلى سعيد بن جبير فسألوه، فقال: هو يوم النحر، إلا ترى أن من فاته يوم عرفة لم يفته الحجّ، فإذا فاته يوم النحر فقد فاته الحجّ؟

حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا يونس، عن سعيد بن جبير، أنه قال: الحجّ الأكبر: يوم النحر. قال: فقلت له: إن عبد الله بن شيبة ومحمد بن عليّ بن عبد الله بن عباس اختلفا في ذلك، فقال محمد بن عليّ: هو يوم النحر، وقال عبد الله: هو يوم عرفة. فقال سعيد بن جبير: أرأيت لو أن رجلاً فاته يوم عرفة أكان يفوته الحجّ؟ وإذا فاته يوم النحر فاته الحجّ.

حدثنا أبو كريب وأبو السائب، قالا: ثنا ابن إدريس، عن الشيباني، عن سعيد بن جبير، قال: الحجّ الأكبر يوم النحر.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: قال: المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: ثني رجل، عن أبيه، عن قسس بن عبادة، قال: ذو الحجة العاشر النحر، وهو يوم الحجّ الأكبر.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن شداد، قال: يوم الحجّ الأكبر: يوم النحر، والحجّ الأصغر: العُمرة.

حدثنا عبد الحميد بن بيان، قال: أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، قال: الحجّ الأكبر يوم النحر.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا المحاربي، عن مسلم الحجبي، قال: سألت نافع بن جبير بن مطعم، عن يوم الحجّ الأكبر، قال: يوم النحر.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: كان يقال: الحجّ الأكبر يوم النحر.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر، قال: يوم الحجّ الأكبر يوم يهراق فيه الدم، ويحلّ فيه الحرام.

حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم، أنه قال: يوم الحجّ الأكبر يوم النحر الذي يحلّ فيه كلّ حرام.

قال: ثنا هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي، عن عليّ، قال: يوم الحجّ الأكبر يوم النحر.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو أسامة، عن ابن عون، قال: سألت محمداً عن يوم الحجّ الأكبر فقال: كان يوماً وافق فيه حجّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وحجّ أهل الوبر.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الحكيم بن بشير، قال: ثنا عمر بن ذرّ، قال: سألت مجاهداً عن يوم الحجّ الأكبر، فقال: هو يوم النحر.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مجاهد، يوم الحجّ الأكبر يوم النحر.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيل، عن ثور، عن مجاهد يوم الحجّ الأكبر يوم النحر.

حدثنا أحمد، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيل، عن جابر، عن عامر، قال: يوم الحجّ الأكبر يوم النحر وقال عكرمة: يوم الحجّ الأكبر: يوم النحر، يوم يهراق فيه الدماء، ويحلّ فيه الحرام. قال: وقال مجاهد: يوم يجمع فيه الحجّ كله، وهو يوم الحجّ الأكبر.

قال: ثنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن محمد بن عليّ: يوم الحجّ الأكبر يوم النحر.

قال: ثنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، مثله.

قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، مثله.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أبي إسحاق، قال: قال عليّ الحجّ الأكبر: يوم النحر. قال: وقال الزهري: يوم النحر: يوم الحجّ الأكبر.

حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال: ثنا عمي عبد الله بن وهب، قال: أخبرني يونس وعمرو عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر في الحجة التي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر: ألا لا يحجّ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان قال الزهري: فكان حميد يقول: يوم النحر: يوم الحجّ الأكبر.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الشعبي، عن أبي إسحاق، قال: سألت عبد الله بن شداد عن الحجّ الأكبر والحجّ الأصغر، فقال: الحجّ الأكبر: يوم النحر، والحجّ الأصغر: العُمرة.

قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، قال: سألت عبد الله بن شداد، فذكره نحوه.

قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عبد الملك بن عمير، قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول: يوم الحجّ الأكبر: يوم يوضع فيه الشعر، ويهراق فيه الدم، ويحلّ فيه الحرام.

قال: ثنا الثوريّ، عن أبي إسحاق، عن عليّ، قال: الحجّ الأكبر يوم النحر.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا قيس، عن عياش العامري، عن عبد الله بن أبي أوفى، أنه سئل عن يوم الحجّ الأكبر، فقال: سبحان الله، هو يوم يهراق فيه الدماء، ويحلّ فيه الحرام، ويوضع فيه الشعر وهو يوم النحر.

قال: ثنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن عبد الله بن يسار، قال: خطبنا المغيرة بن شعبة على ناقة له، فقال: هذا يوم النحر، وهذا يوم الحجّ الأكبر.

قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا حسن بن صالح، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: يوم الحجّ الأكبر يوم النحر.

حدثني الحرث، قال: ثنا عبد العزيز، عن إبراهيم بن طهمان، عن مغيرة، عن إبراهيم: يوم الحجّ الأكبر: يوم النحر، ويحلّ فيه الحرام.

حدثني أحمد بن المقدام، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا ابن عون، عن محمد ابن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، قال: لما كان يوم ذلك، قعد على بعير له النبيّ، وأخذ إنسان بخطامه أو زمامه، فقال: "أيّ يوْمٍ هَذَا؟" قال: فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه غير اسمه، فقال: "ألَيْسَ يَوْمُ الحَجّ؟" .

حدثنا سهل بن محمد الحساني، قال: ثنا أبو جابر الحرثي، قال: ثنا هشام بن الغازي الجرشي، عن نافع، عن ابن عمر، قال: وقف رسوله الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر عند الجمرات في حجة الوداع، فقال: "هَذَا يَوْمُ الحَجّ الأكْبَرِ" .

حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، عن مرّة الهمداني، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة حمراء مخضرمة، فقال: "أتَدْرُونَ أيُّ يَوْمٍ يَوْمُكُمْ؟" قالوا: يوم النحر، قال: "صَدَقْتُمْ يَوْمَ الحَجّ الأكْبَر" .

حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا يحيى بن سعيد، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرني عمرو بن مرّة، قال: ثنا مرّة، قال: ثنا رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره نحوه.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبيه، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا بأربع كلمات حين حجّ أبو بكر بالناس، فنادى ببراءة: إنه يوم الحجّ الأكبر، ألا إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ألا ولا يطوف بالبيت عريان، ألا ولا يحجّ بعد العام مشرك، ألا ومن كان بينه وبين محمد عهد فأجله إلى مدته، والله بريء من المشركين ورَسُولُه.

حدثني يعقوب، قال: ثني هشيم، عن حجاج بن أرطاة، عن عطاء، قال: يوم الحجّ الأكبر يوم النحر.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { يَوْمُ الحَجّ الأكْبَرِ } قال: يوم النحر: يوم يحلّ فيه المحرم، وينحر فيه البدن. وكان ابن عمر يقول: هو يوم النحر، وكان أبي يقوله. وكان ابن عباس يقول: هو يوم عرفة. ولم أسمع أحداً يقول إنه يوم عرفة إلا ابن عباس. قال ابن زيد: والحجّ يفوت بفوت يوم النحر ولا يفوت بفوت يوم عرفة، إن فاته اليوم لم يفته الليل، يقف ما بينه وبين طلوع الفجر.

حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: يوم الأضحى: يوم الحجّ الأكبر.

حدثنا سفيان، قال: ثنا أبي، عن شعبة، عن عمرو بن مرّة، قال: ثني رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفتي هذه، حسبته قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر على ناقة حمراء مخضرمة، فقال: "أتَدْرُونَ أيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ هَذَا يَوْمُ النَّحْرِ وهَذَا يَوْمُ الحَجّ الأكْبَرِ" .

وقال آخرون: معنى قوله: { يَوْمُ الحَجّ الأكْبَرِ } حين الحجّ الأكبر ووقته. قال: وذلك أيام الحجّ كلها لا يوم بعينه. ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { يَوْمُ الحَجّ الأكْبَرِ } حين الحجّ، أيامه كله.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا ابن عيينة، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: الحجّ الأكبر: أيام مِني كلها، ومجامع المشركين حين كانوا بذي المجاز وعكاظ ومجنّة، حين نودي فيهم: أن لا يجتمع المسلمون والمشركون بعد عامهم هذا وأن لا يطوف بالبيت عريان ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته.

حدثني الحرث، قال: ثنا أبو عبيد، قال: كان سفيان يقول: يوم الحجّ، ويوم الجمل، ويوم صفين: أي أيامه كلها.

حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، في قوله: { يَوْمُ الحَجّ الأكْبَرِ } قال حين الحج، أي أيامه كلها.

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصحة عندنا: قول من قال: { يَوْمُ الحَجّ الأكْبَرِ }: يوم النحر لتظاهر الأخبار عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عليًّا نادى بما أرسله به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرسالة إلى المشركين، وتلا عليهم براءة يوم النحر. هذا مع الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم النحر: "أتَدْرُونَ أيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ هَذَا يَوْمُ الحَجّ الأكْبَرِ" . وبعد: فإن اليوم إنما يضاف إلى معنى الذي يكون فيه، كقول الناس: يوم عرفة، وذلك يوم وقوف الناس بعرفة، ويوم الأضحى، وذلك يوم يضحون فيه ويوم الفطر، وذلك يوم يفطرون فيه وكذلك يوم الحجّ، يوم يحجون فيه. وإنما يحجّ الناس ويقضون مناسكهم يوم النحر، لأن في ليلة نهار يوم النحر الوقوف بعرفة كان إلى طلوع الفجر، وفي صبيحتها يعمل أعمال الحجّ فأما يوم عرفة فإنه وإن كان الوقوف بعرفة فغير فائت الوقوف به إلى طلوع الفجر من ليلة النحر، والحجّ كله يوم النحر.

وأما ما قال مجاهد من أن يوم الحجّ إنما هو أيامه كلها، فإن ذلك وإن كان جائزا في كلام العرب، فليس بالأشهر الأعرف في كلام العرب من معانيه، بل غلب على معنى اليوم عندهم أنه من غروب الشمس إلى مثله من الغد، وإنما محمل تأويل كتاب الله على الأشهر الأعرف من كلام من نزل الكتاب بلسانه.

واختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله قيل لهذا اليوم: يوم الحجّ الأكبر، فقال بعضهم: سمي بذلك لأن ذلك كان في سنة اجتمع فيها حج المسلمين والمشركين. ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن، قال: إنما سمي الحجّ الأكبر من أجل أنه حجّ أبو بكر الحجة التي حجها، واجتمع فيها المسلمون والمشركون، فلذلك سمي الحجّ الأكبر، ووافق أيضاً عيد اليهود والنصارى.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عليّ بن زيد بن جدعان عن عبد الله بن الحرث بن نوفل، قال: يوم الحجّ الأكبر كانت حجة الوداع اجتمع فيه حجّ المسلمين والنصارى واليهود ولم يجتمع قبله ولا بعده.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن الحسن، قال قوله: { يَوْمُ الحَجّ الأكْبَرِ } قال: إنما سمي الحجّ الأكبر لأنه يوم حجّ فيه أبو بكر، ونبذت فيه العهود.

وقال آخرون: الحجّ الأكبر: القران، والحجّ الأصغر: الإفراد. ذكر من قال ذلك:

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا أبو بكر النهشلي، عن حماد، عن مجاهد، قال: كان يقول: الحجّ الأكبر والحجّ الأصغر فالحجّ الأكبر: القران، والحجّ الأصغر: إفراد الحجّ.

وقال آخرون: الحجّ الأكبر: الحجّ، والحجّ الأصغر: العمرة. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: الحجّ الأكبر: الحجّ، والحجّ الأصغر: العمرة.

قال: ثنا عبد الأعلى، عن داود، عن عامر، قال: قلت له: هذا الحجّ الأكبر، فما الحجّ الأصغر؟ قال: العُمرة.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، قال: كان يقال: الحجّ الأصغر: العمرة في رمضان.

قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قال: كان يقول: الحجّ الأصغر: العمرة.

قال: ثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبي أسماء، عن عبد الله بن شداد، قال: يوم الحجّ الأكبر: يوم النحر، والحجّ الأصغر: العمرة.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري: أن أهل الجاهلية كانوا يسمون الحجّ الأصغر: العمرة.

قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك عندي قول من قال: الحجّ الأكبر الحجّ لأنه أكبر من العمرة بزيادة عمله على عملها، فقيل له الأكبر لذلك. وأما الأصغر فالعمرة، لأن عملها أقلّ من عمل الحجّ، فلذلك قيل لها الأصغر لنقصان عملها عن عمله.

وأما قوله: { أنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ المُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } فإن معناه: أن الله بريء من عهد المشركين ورسوله بعد هذه الحجة. ومعنى الكلام: وإعلام من الله ورسوله إلى الناس في يوم الحجّ الأكبر، أن الله ورسوله من عهد المشركين بريئان كما:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: { أنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ المُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } أي بعد الحجة.

القول في تأويل قوله تعالى: { فإنْ تُبْتُمْ فهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإنْ تَوَلَّيْتُمْ فاعْلَمُوا أنَّكُمْ غيرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أليمٍ }.

يقول تعالى: فإن تبتم من كفركم أيها المشركون، ورجعتم إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له دون الآلهة والأنداد، فالرجوع إلى ذلك خير لكم من الإقامة على الشرك في الدنيا والآخرة. { وإنْ تَوَلَّيْتُمْ } يقول: وإن أدبرتم عن الإيمان بالله وأبيتم إلا الإقامة على شرككم. { فاعْلَمُوا أنَّكُمْ غيرُ مُعْجِزي اللَّهِ } يقول: فأيقنوا أنكم لا تفيتون الله بأنفسكم من أن يحلّ بكم عذابه الأليم وعقابه الشديد على إقامتكم على الكفر، كما فعل بذويكم من أهل الشرك، من إنزال نقمه به وإحلاله العذاب عاجلاً بساحته. { وَبَشِّر الَّذِينَ كَفَرُوا } يقول: واعلم يا محمد الذين جحدوا نبوّتك وخالفوا أمر ربهم بعذاب موجع يحلّ بهم.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج، قوله: { فإنْ تُبْتُمْ } قال آمنتم.