التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ
٥
-البينة

جامع البيان في تفسير القرآن

.

يقول تعالى ذكره: وما أمر الله هؤلاء اليهود والنصارى الذين هم أهل الكتاب إلا أن يعبدوا الله مخلصين له الدين يقول: مفردين له الطاعة، لا يخلطون طاعتهم ربهم بشرك، فأشركت اليهود بربها بقولهم إن عُزَيراً ابن الله، والنصارى بقولهم في المسيح مثل ذلك، وجحودهم نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم.

وقوله: { حُنَفاءَ } قد مضى بياننا في معنى الحنيفية قبل، بشواهده المُغنية عن إعادتها، غير أنا نذكر بعض ما لم نذكر قبل من الأخبار في ذلك. ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: { مخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ } يقول: حجاجاً مسلمين غير مشركين، يقول: { وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاة } ويَحُجُّوا { وذَلكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَما أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصينَ له الدِّينَ حُنَفاءَ } والحنيفية: الختان، وتحريم الأمهات والبنات والأخوات والعمات، والخالات، والمناسك.

وقوله: { وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ } يقول: وليقيموا الصلاة، وليؤتوا الزكاة.

وقوله: { وَذَلكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } يعني أن هذا الذي ذكر أنه أمر به هؤلاء الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين، هو الدين القيِّمة، ويعني بالقيِّمة: المستقيمة العادلة، وأضيف الدين إلى القيِّمة، والدين هو القَيِّم، وهو من نعته لاختلاف لفظيهما. وهي في قراءة عبد الله فيما أرى فيما ذُكر لنا: { وَذَلكَ دِّينُ الْقَيِّمَةِ } وأُنِّثت القيِّمة، لأنها جعلت صفة للملة، كأنه قيل: وذلك الملة القيِّمة، دون اليهودية والنصرانية. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله { وَذَلكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } هو الدين الذي بعث الله به رسوله، وشرع لنفسه، ورضي به.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } { وَذَلكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } قال: هو واحد قيِّمة: مستقيمة معتدلة.