{قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مّنَ ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضِ } أي يرزقكم منهما جميعاً، لم يقتصر برزقكم على جهة واحدة ليفيض عليكم نعمته ويوسع رحمته {مِنْ يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَـٰرَ } من يستطيع خلقهما وتسويتهما على الحدّ الذي سويا عليه من الفطرة العجيبة. أو من يحميهما ويحصنهما من الآفات مع كثرتها في المدد الطوال، وهما لطيفان يؤذيهما أدنى شيء بكلاءته وحفظه {وَمَن يُدَبّرُ ٱلأَمْرَ } ومن يلي تدبير أمر العالم كله، جاء بالعموم بعد الخصوص {أَفَلاَ تَتَّقُونَ } أفلا تقون أنفسكم ولا تحذرون عليها عقابه فيما أنتم بصدده من الضلال {فَذَلِكُمُ} إشارة إلى من هذه قدرته وأفعاله {رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ } الثابت ربوبيته ثباتاً لا ريب فيه لمن حقق النظر {فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ } يعني أن الحق والضلال لا واسطة بينهما، فمن تخطى الحق وقع في الضلال {فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } عن الحق إلى الضلال، وعن التوحيد إلى الشرك، وعن السعادة إلى الشقاء {كَذَلِكَ} مثل ذلك الحق {حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ } أي كما حق وثبت أنّ الحق بعده الضلال، أو كما حق أنهم مصروفون عن الحق، فكذلك حقّت كلمة ربك {عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ } أي تمرّدوا في كفرهم وخرجوا إلى الحدّ الأقصى فيه، و {أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } بدل من الكلمة أي حقّ عليهم انتفاء الإيمان، وعلم الله منهم ذلك. أو حق عليهم كلمة الله أنهم من أهل الخذلان، وأن إيمانهم غير كائن. أو أراد بالكلمة: العدة بالعذاب، وأنهم لا يؤمنون تعليل، بمعنى: لأنهم لا يؤمنون.