التفاسير

< >
عرض

قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ ٱللَّهُ إِن شَآءَ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ
٣٣
وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِيۤ إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
٣٤
أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ
٣٥
-هود

{ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ ٱللَّهُ } أي ليس الإتيان بالعذاب إليّ إنما هو إلى من كفرتم به وعصيتموه { إِن شَاء } يعني إن اقتضت حكمته أن يعجله لكم. وقرأ ابن عباس رضي الله عنه. «فأكثرت جدلنا» فإن قلت: ما وجه ترادف هذين الشرطين؟ قلت: قوله: { إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ } جزاؤه ما دلّ عليه قوله: { لاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِى } وهذا الدال في حكم ما دلّ عليه، فوصل بشرط كما وصل الجزاء بالشرط في قولك: إن أحسنت إليّ أحسنت إليك إن أمكنني. فإن قلت: فما معنى قوله: { إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ }؟ قلت: إذا عرف الله من الكافر الإصرار فخلاه وشأنه ولم يلجئه، سمى ذلك إغواء وإضلالاً، كما أنه إذا عرف منه أنه يتوب ويرعوي فلطف به: سمي إرشاداً وهداية. وقيل: { أَن يُغْوِيَكُمْ } أن يهلككم من غوى الفصيل غوي، إذا بشم فهلك، ومعناه: أنكم إذا كنتم من التصميم على الكفر بالمنزلة التي لا تنفعكم نصائح الله ومواعظه وسائر ألطافه، كيف ينفعكم نصحي؟ { فَعَلَىَّ إِجْرَامِى } وإجرامي بلفظ المصدر والجمع. كقوله: والله يعلم إسرارهم وأسرارهم. ونحو: جرم وأجرام قفل وأقفال. وينصر الجمع أن فسره الأولون بآثامي والمعنى: إن صح وثبت أني افتريته، فعلي عقوبة إجرامي أي افترائي. وكان حقي حينئذ أن تعرضوا عني وتتألبوا عليّ { وَأَنَاْ بَرِىء } يعني ولم يثبت ذلك وأنا بريء منه. ومعنى { مّمَّا تُجْرَمُونَ } من إجرامكم في إسناد الافتراء إليّ فلا وجه لإعراضكم ومعاداتكم.