{وَتِلْكَ عَادٌ } إشارة إلى قبورهم وآثارهم، كأنه قال: سيحوا في الأرض فانظروا إليها واعتبروا، ثم استأنف وصف أحوالهم فقال: {جَحَدُواْ بِآيَـٰتِ رَبّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ } لأنهم إذا عصوا رسولهم فقد عصوا جميع رسل الله،
{ لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّن رُّسُلِهِ } [البقرة: 285] قيل لم يرسل إليهم إلا هود وحده {كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } يريد رؤساءهم وكبراءهم ودعاتهم إلى تكذيب الرسل. ومعنى اتباع أمرهم: طاعتهم. ولما كانوا تابعين لهم دون الرسل جعلت اللعنة تابعة لهم في الدارين تكبهم على وجوههم في عذاب الله. و {أَلاۤ} وتكرارها مع النداء على كفرهم والدعاء عليهم، تهويل لأمرهم وتفظيع له، وبعث على الاعتبار بهم والحذر من مثل حالهم. فإن قلت: {بُعْدًا } دعاء بالهلاك، فما معنى الدعاء به عليهم بعد هلاكهم؟ قلت: معناه الدلالة على أنهم كانوا مستأهلين له: ألا ترى إلى قوله:إخْوَتي لاَ تَبْعَدُوا أبدَا وَبَلَى وَاللَّهِ قَدْ بَعِدُوا
{قَوْمِ هُودٍ } عطف بيان لعاد: فإن قلت: ما الفائدة في هذا البيان والبيان حاصل بدونه؟ قلت: الفائدة فيه أن يوسموا بهذه الدعوة وسما، وتجعل فيهم أمراً محققاً لا شبهة فيه بوجه من الوجوه، ولأنّ عاداً عادان: الأولى القديمة التي هي قوم هود والقصة فيهم، والأخرى إرم.