التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ
٤٣
بِٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
٤٤
-النحل

قالت قريش: الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً، فقيل { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ } على ألسنة الملائكة { فَاسْئَلُواْ أَهْلَ ٱلذّكْرِ } وهم أهل الكتاب، ليعلموكم أن الله لم يبعث إلى الأمم السالفة إلا بشراً. فإن قلت: بم تعلق قوله { بِٱلْبَيِّنَـٰتِ }؟ قلت: له متعلقات شتى، فأما أن يتعلق بما أرسلنا داخلاً تحت حكم الاستثناء مع رجالاً أي: وما أرسلنا إلا رجالاً بالبينات، كقولك: ما ضربت إلا زيداً بالسوط؛ لأن أصله: ضربت زيداً بالسوط وإما برجالا، صفة له: أي رجالاً ملتبسين بالبينات. وإما بأرسلنا مضمراً، كأنما قيل: بما أرسلوا؟ فقلت بالبينات، فهو على كلامين، والأوّل على كلام واحد، وإما بيوحي، أي: يوحي إليهم بالبينات. وإما بلا تعلمون، على أن الشرط في معنى التبكيت والإلزام، كقول الأجير: إن كنت عملت لك فأعطني حقي. وقوله: { فَاسْئَلُواْ أَهْلَ ٱلذّكْرِ } اعتراض على الوجوه المتقدّمة، وأهل الذكر: أهل الكتاب. وقيل للكتاب الذكر؛ لأنه موعظة وتنبيه للغافلين { مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } يعني ما نزل الله إليهم في الذكر مما أمروا به ونهوا عنه ووعدوا وأوعدوا { وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } وإرادة أن يصغوا إلى تنبيهاته فيتنبهوا ويتأملوا.