التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
١٦٨
إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَٱلْفَحْشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
١٦٩
-البقرة

{ حَلاَلاً } مفعول كلوا، أو حال مما في الأرض { طَيِّبَاتِ } طاهراً من كل شبهة { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوٰتِ ٱلشَّيْطَـٰنِ } فتدخلوا في حرام، أو شبهة، أو تحريم حلال، أو تحليل حرام، و (من) للتبعيض؛ لأن كل ما في الأرض ليس بمأكول. وقرىء: «خطوات» بضمتين، و«خطوات» بضمة وسكون، و«خطؤات» بضمتين وهمزة جعلت الضمة على الطاء كأنها على الواو، و«خطوات» بفتحتين و«خطوات» بفتحة وسكون. والخطوة: المرة من الخطو. والخطوة: ما بين قدمي الخاطي. وهما كالغرفة والغرفة، والقبضة والقبضة. يقال: اتبع خطواته، ووطىء على عقبه إذا اقتدى به واستن بسنته { مُّبِينٌ } ظاهر العداوة لا خفاء به { إِنَّمَا يَأْمُرُكُم } بيان لوجوب الإنهاء عن اتباعه وظهور عداوته. أي لا يأمركم بخير قط إنما يأمركم { بِٱلسُّوء } بالقبيح { وَٱلْفَحْشَاء } وما يتجاوز الحدّ في القبح من العظائم، وقيل: السوء ما لا حدّ فيه. والفحشاء: ما يجب الحدّ فيه { وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } وهو قولكم: هذا حلال وهذا حرام، بغير علم. ويدخل فيه كل ما يضاف إلى الله تعالى مما لا يجوز عليه. فإن قلت: كيف كان الشيطان آمراً مع قوله: { لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنٌ } [الحجر: 42] قلت: شبه تزيينه وبعثه على الشر بأمر الآمر، كما تقول: أمرتني نفسي بكذا. وتحته رمز إلى أنكم منه بمنزلة المأمورين لطاعتكم له وقبولكم وساوسه؛ ولذلك قال: { وَلاَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتّكُنَّ ءاذَانَ ٱلأَنْعَـٰمِ وَلاَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ } [النساء: 119] وقال الله تعالى: { إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمّارَةٌ بِٱلسُّوء } [يوسف: 53] لما كان الإنسان يطيعها فيعطيها ما اشتهت.