التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٧٣
-البقرة

قرىء: «حَرّم» على البناء للفاعل، و«حُرِّم» على البناء للمفعول، و«حَرُم» بوزن كرم { أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ } أي رفع به الصوت للصنم، وذلك قول أهل الجاهلية: باسم اللات والعزى { غَيْرَ بَاغٍ } على مضطرّ آخر بالاستيثار عليه { وَلاَ عَادٍ } سدَّ الجوعة. فإن قلت: في الميتات ما يحل وهو السمك والجراد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(76) "أحلت لنا ميتتان ودمان" . قلت: قصد ما يتفاهمه الناس ويتعارفونه في العادة. ألا ترى أنّ القائل إذا قال: أكل فلان ميتة، لم يسبق الوهم إلى السمك والجراد، كما لو قال: أكل دماً، لم يسبق إلى الكبد والطحال. ولاعتبار العادة والتعارف قالوا: من حلف لا يأكل لحماً فأكل سمكاً لم يحنث- وإن أكل لحماً في الحقيقة، قال الله تعالى: { لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيّا } [النحل: 14] وشبهوه بمن حلف لا يركب دابة فركب كافراً لم يحنث - وإن سماه الله تعالى دابة في قوله: { { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [الأنفال: 55]. فإن قلت: فما له ذكر لحم الخنزير دون شحمه؟ قلت: لأنّ الشحم داخل في ذكر اللحم، لكونه تابعاً له و صفه فيه، بدليل قولهم: لحم سمين، يريدون أنه شحيم.