التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَٱضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي ٱلْبَحْرِ يَبَساً لاَّ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تَخْشَىٰ
٧٧
فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِّنَ ٱلْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ
٧٨
وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىٰ
٧٩
-طه

{ فَٱضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً } فاجعل لهم، من قولهم: ضرب له في ماله سهما. وضرب اللبن: عمله. اليبس: مصدر وصف به. يقال: يبس يبساً ويبساً ونحوهما: العدم والعدم. ومن ثم وصف به المؤنث فقيل: شاتنا يبس،: وناقتنا يبس: إذا جف لبنها. وقرىء: «يبساً» و«يابساً» ولا يخلو اليبس من أن يكون مخففاً عن اليبس. أو صفة على فعلٍ. أو جمع يابس، كصاحب وصحب، وصف به الواحد تأكيداً، كقوله:

...... وَمِعى جياعاً

جعله لفرط جوعه كجماعة جياع { لاَ تَخَافَآ } حال من الضمير في (فاضرب) وقرىء «لا تخف» على الجواب. وقرأ أبو حيوة «دَرْكاً» بالسكون. والدرك والدرك: اسمان من الإدراك، أي: لا يدركك فرعون وجنوده ولا يلحقونك. في { وَلاَ تَخْشَىٰ } إذا قرىء: «لا تخف» ثلاثة أوجه: أن يستأنف، كأنه قيل وأنت لا تخشى، أي: ومن شأنك أنك آمن لا تخشى، وأن لا تكون الألف المنقلبة عن الياء هي لام الفعل ولكن زائدة للإطلاق من أجل الفاصلة، كقوله: { { فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ } [الأحزاب:67]، { وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ } [الأحزاب: 10] وأن يكون مثله قوله:

كَأَنْ لَمْ تَرَى قَبْلِي أسيراً يَمَا نِيَا

{ مَا غَشِيَهُمْ } من باب الاختصار. ومن جوامع الكلم التي تستقل مع قلتها بالمعاني الكثيرة، أي: غشيهم ما لا يعلم كنهه إلا الله. وقرىء: «فغشاهم من اليم ما غشاهم» والتغشية: التغطية. وفاعل غشاهم: إما الله سبحانه. أو ما غشاهم. أو فرعون؛ لأنه الذي ورّط جنوده وتسبب لهلاكهم. وقوله: { وَمَا هَدَىٰ } تهكم به في قوله: { { وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ } [غافر: 29].