التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ
١٢
ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ
١٣
ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ
١٤
-المؤمنون

السلالة: الخلاصة؛ لأنها تسلّ من بين الكدر، وفعالة، بناء للقلة كالقلامة والقمامة. وعن الحسن: ماء بين ظهراني الطين. فإن قلت: ما الفرق بين من ومن؟ قلت: الأوّل للابتداء، والثاني للبيان، كقوله: { { مِنَ ٱلأَوْثَـٰنِ } [الحج: 30]. فإن قلت: ما معنى: { جَعَلْنَا } الإنسان نطفة؟ قلت: معناه أنه خلق جوهر الإنسان أوّلاً طيناً، ثم جعل جوهره بعذ ذلك نطفة. القرار: المستقرّ، والمراد الرحم. وصفت بالمكانة التي هي صفة المستقرّ فيها، كقولك. طريق سائر. أو بمكانتها في نفسها؛ لأنها مكنت بحيث هي وأحرزت. قرىء: «عظماً فكسونا العظم» و «عظاماً فكسونا العظام» و «عظماً فكسونا العظم» وضع الواحد مكان الجمع لزوال اللبس؛ لأنّ الإنسان ذو عظام كثيرة { خَلْقاً ءاخَرَ } أي خلقاً مبايناً للخلق الأوّل مباينة ما أبعدها، حيث جعله حيواناً وكان جماداً، وناطقاً وكان أبكم، وسميعاً وكان أصمّ، وبصيراً وكان أكمه، وأودع باطنه وظاهره ـــ بل كل عضو من أعضائه وكل جزء من أجزائه ـــ عجائب فطرة وغرائب حكمة لا تدرك بوصف الواصف ولا تبلغ بشرح الشارح: وقد احتجّ به أبو حنيفة فيمن غصب بيضة فأفرخت عنده قال: يضمن البيضة ولا يرد الفرخ: لأنه خلق أخر سوى البيضة { فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ } فتعالى أمره في قدرته وعلمه { أَحْسَنُ ٱلْخَـٰلِقِينَ } أي: أحسن المقدّرين تقديراً، فترك ذكر المميز لدلالة الخالقين عليه. ونحوه: طرح المأذون فيه في قوله: { { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَـٰتَلُونَ } [الحج: 39] لدلالة الصلة. وروي عن عمر رضي الله عنه:

(719) أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغ قوله خلقاً آخر، قال: "فتبارك الله أحسن الخالقين" . وروي:

(720) أنّ عبد الله بن سعد بن أبي سرح كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، فنطق بذلك قبل إملائه، فقال: له النبي صلى الله عليه وسلم: «اكتب، هكذا نزلت» فقال: عبد الله: إن كان محمد نبياً يوحى إليه فأنا نبيّ يوحى إليّ، فلحق بمكة كافراً، ثم أسلم يوم الفتح.