التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ
٢٠٨
ذِكْرَىٰ وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ
٢٠٩
-الشعراء

{ مُنذِرُونَ } رسل ينذرونهم { ذِكْرِى } منصوبة بمعنى تذكرة. إمّا لأنّ «أنذر، وذكر» متقاربان، فكأنه قيل: مذكرون تذكرة. وإمّا لأنها حال من الضمير في [منذرون] أي، ينذرونهم ذوي تذكرة. وإمّا لأنها مفعول له؛ على معنى: أنهم ينذرون لأجل الموعظة والتذكرة. أو مرفوعة على أنها خبر مبتدأ محذوف، بمعنى: هذه ذكرى. والجملة اعتراضية. أو صفة بمعنى: منذرون ذوو ذكرى. أو جعلوا ذكرى لإمعانهم في التذكرة وإطنابهم فيها. ووجه آخر؛ وهو أن يكون ذكرى متعلقة بأهلكنا مفعولاً له. والمعنى: وما أهلكنا من أهل قرية ظالمين إلا بعدما ألزمناهم الحجة بإرسال المنذرين إليهم، ليكون إهلاكهم تذكرة وعبرة لغيرهم، فلا يعصوا مثل عصيانهم { وَمَا كُنَّا ظَـٰلِمِينَ } فنهلك قوماً غير ظالمين. وهذا الوجه عليه المعوّل. فإن قلت: كيف عزلت الواو عن الجملة بعد «إلا» ولم تعزل عنها في قوله: { وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَـٰبٌ مَّعْلُومٌ } [الحجر: 4]؟

قلت: الأصل: عزل الواو لأن الجملة صفة لقرية، وإذا زيدت فلتأكيد وصل الصفة بالموصوف كما في قوله: { سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ } [الكهف: 22].