التفاسير

< >
عرض

وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَاتُ عِندَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٥٠
أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٥١
قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْبَاطِلِ وَكَفَرُواْ بِٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ
٥٢
-العنكبوت

قرىء «آية» و«آيات» أرادوا: هلا أنزل عليه آية مثل ناقة صالح ومائدة عيسى عليهما السلام ونحو ذلك { إِنَّمَا ٱلاْيَـٰتُ عِندَ ٱللَّهِ } ينزل أيتها شاء، ولو شاء أن ينزل ما تقترحونه لفعل { وَإِنَّمَا أَنَاْ نَذِيرٌ } كلفت الإنذار وإبانته بما أعطيت من الآيات، وليس لي أن أتخير على الله آياته فأقول: أنزل عليّ آية كذا دون آية كذا، مع علمي أنّ الغرض من الآية ثبوت الدلالة، والآيات كلها في حكم آية واحدة في ذلك، ثم قال: { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ } آية مغنية عن سائر الآيات - إن كانوا طالبين للحق غير متعنتين -هذا القرآن الذي تدوم تلاوته عليهم في كل مكان وزمان فلا يزال معهم آية ثابتة لا تزول ولا تضمحلّ. كما تزول كل آية بعد كونها، وتكون في مكان دون مكان[إن في ذلك] إنّ في مثل هذه الآية الموجودة في كل مكان وزمان إلى آخر الدهر { لَرَحْمَةً } لنعمة عظيمة لا تشكر[وذكرىٰ] وتذكرة { لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } وقيل: أولم يكفهم، يعني اليهود: أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم بتحقيق ما في أيديهم من نعتك ونعت دينك. وقيل:

(832) إنّ ناساً من المسلمين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتف قد كتبوا فيها بعض ما يقود اليهود، فلما أن نظر إليها ألقاها وقال: كفى بها حماقة قوم أو ضلالة قوم أن يرغبوا عما جاءهم به نبيهم إلى ما جاء به غير نبيهم، فنزلت. والوجه ما ذكرناه { كَفَىٰ بِٱللَّهِ بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً } أني قد بلغتكم ما أرسلت به إليكم وأنذرتكم، وأنكم قابلتموني بالجحد والتكذيب { يَعْلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلاَّرْضِ } فهو مطلع على أمري وأمركم، وعالم بحقي وباطلكم { وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ بِٱلْبَـٰطِلِ } منكم وهو ما تعبدون من دون الله { وَكَفَرُواْ بِٱللَّهِ } وآياته { أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ } المغبونون في صفقتهم حيث اشتروا الكفر بالإيمان، إلا أن الكلام ورد مورد الإنصاف، كقوله: { وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } [سبأ: 24] وكقول حسان:

فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الْفِدَاءُ

وروي أنّ كعب بن الأشرف وأصحابه قالوا: يا محمد، من يشهد لك بأنك رسول الله، فنزلت.