{وٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } قوم كان فيهم ضعف إيمان وقلة ثبات عليه. وقيل: هم الزناة وأهل الفجور من قوله تعالى:
{ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ } [الأحزاب: 32]. {وَٱلْمُرْجِفُونَ } ناس كانوا يرجفون بأخبار السوء عن سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون: هزموا وقتلوا، وجرى عليهم كيت وكيت، فيكسرون بذلك قلوب المؤمنين. يقال: أرجف بكذا، إذا أخبر به على غير حقيقة، لكونه خبراً متزلزلاً غير ثابت، من الرجفة وهي الزلزلة. والمعنى: لئن لم ينته المنافقون عن عداوتهم وكيدكم، والفسقة عن فجورهم، والمرجفون عما يؤلفون من أخبار السوء: لنأمرنك بأن تفعل بهم الأفاعيل التي تسوءهم وتنوءهم، ثم بأن تضطرهم إلى طلب الجلاء عن المدينة، وإلى أن لا يساكنوك فيها {إِلا } زمناً {قَلِيلاً } ريثما يرتحلون ويلتقطون أنفسهم وعيالاتهم، فسمى ذلك إغراء، وهو التحريش على سبيل المجاز {مَّلْعُونِينَ } نصب على الشتم أو الحال، أي: لا يجاورونك إلاّ ملعونين، دخل حرف الاستثناء على الظرف والحال معاً، كما مرّ في قوله: { إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَـٰظِرِينَ إِنَـٰهُ } [الأحزاب: 53] ولا يصحّ أن ينتصب عن {أُخِذُواْ } لأنّ ما بعد كلمة الشرط لا يعمل فيما قبلها. وقيل: في {قَلِيلاً } وهو منصوب على الحال أيضاً. ومعناه: لا يجاورونك إلاّ أقلاء أذلاء ملعونين. فإن قلت: ما موقع لا يجاورونك؟ قلت: لا يجاورونك عطف على لنغرينك، لأنه يجوز أن يجاب به القسم. ألا ترى إلى صحة قولك: لئن لم ينتهوا لا يجاورونك. فإن قلت: أما كان من حق لا يجاورونك أن يعطف بالفاء، وأن يقال لنغرينك بهم فلا يجاورونك؟ قلت: لو جعل الثاني مسبباً عن الأوّل لكان الأمر كما قلت: ولكنه جعل جواباً آخر للقسم معطوفاً على الأوّل، وإنما عطف بثم، لأن الجلاء عن الأوطان كان أعظم عليهم وأعظم من جميع ما أصيبوا به، فتراخت حاله عن حال المعطوف عليه {سُنَّةَ ٱللَّهِ } في موضع مؤكد، أي: سنّ الله في الذين ينافقون الأنبياء أن يقتلوا حيثما ثقفوا وعن مقاتل: يعني كما قتل أهل بدر وأسروا.