التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ
٣١
وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ
٣٢
-يس

{ أَلَمْ يَرَوْاْ } ألم يعلموا، وهو معلق عن العمل في { كَمْ } لأن كم لا يعمل فيها عامل قبلها، كانت للاستفهام أو للخبر؛ لأنّ أصلها الاستفهام، إلا أن معناه نافذ في الجملة، كما نفذ في قولك: ألم يروا إن زيداً لمنطلق، وإن لم يعمل في لفظه. و { أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ } بدل من { كَمْ أَهْلَكْنَا } على المعنى، لا على اللفظ، تقديره: ألم يروا كثرة إهلاكنا القرون من قبلهم كونهم غير راجعين إليهم. وعن الحسن: كسر إنّ على الاستئناف. وفي قراءة ابن مسعود: «ألم يروا من أهلكنا» والبدل على هذه القراءة بدل اشتمال، وهذا مما يردّ قول أهل الرجعة. ويحكى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قيل له: إن قوماً يزعمون أنّ علياً مبعوث قبل يوم القيامة، فقال: بئس القوم نحن إذن: نكحنا نساءه وقسمنا ميراثه. { لَمَّا } قرىء: «لما» بالتخفيف، على أن (ما) صلة للتأكيد، وإن: مخففة من الثقيلة، وهي متلقاة باللام لا محالة. و(لمّا) بالتشديد، بمعنى: إلاّ، كالتي في مسألة الكتاب. نشدتك بالله لما فعلت، وإن نافية، والتنوين في { كُلٌّ } هو الذي يقع عوضاً من المضاف إليه، كقولك: مررت بكل قائماً. والمعنى أن كلهم محشورون مجموعون محضرون للحساب يوم القيامة. وقيل: محضرون معذبون. فإن قلت: كيف أخبر عن كل بجميع ومعناهما واحد؟ قلت: ليس بواحد؟ لأنّ كلاً يفيد معنى الإحاطة، وأن لا ينفلت منهم أحد، والجميع: معناه الاجتماع، وأن المحشر يجمعهم. والجميع: فعيل بمعنى مفعول، يقال حي جميع، وجاؤا جميعاً.