{ ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ } الطبق الذي في قعر جهنم، والنار سبع دركات، سميت بذلك لأنها متداركة متتابعة بعضها فوق بعض، وقرىء بسكون الراء، والوجه التحريك، لقولهم: أدراك جهنم. فإن قلت: لِمَ كان المنافق أشدّ عذاباً من الكافر؟ قلت: لأنه مثله في الكفر، وضم إلى كفره الاستهزاء بالإسلام وأهله ومداجاتهم { وَأَصْلَحُواْ } ما أفسدوا من أسرارهم وأحوالهم في حال النفاق { وَٱعْتَصِمُواْ بِٱللَّهِ } ووثقوا به كما يثق المؤمنون الخلص { وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ } لا يبتغون بطاعتهم إلا وجهه { فَأُوْلَـئِكَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } فهم أصحاب المؤمنين ورفقاؤهم في الدارين { وَسَوْفَ يُؤْتِ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً } فيشاركونهم فيه ويساهمونهم. فإن قلت: مَن المنافق؟ قلت: هو في الشريعة من أظهر الإيمان وأبطن الكفر. وأمّا تسمية من ارتكب ما يفسق به: بالمنافق فللتغليظ، كقوله:
(324) «من ترك الصلاة متعمداً فقد كفر» ومنه قوله عليه الصلاة والسلام:
(325)
"ثلاث من كنّ فيه فهو منافق، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم: من إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان" ، وقيل لحذيفة رضي الله عنه: مَن المنافق؟ فقال: الذي يصف الإسلام ولا يعمل به. وقيل لابن عمر: ندخل على السلطان ونتكلم بكلام فإذا خرجنا تكلمنا بخلافه فقال: كنا نعدّه من النفاق. وعن الحسن: أتى على النفاق زمان وهو مقروع فيه، فأصبح وقد عمم وقلد وأعطى سيفاً، يعني الحجاج.