قرىء: «حسناً» بضم الحاء وسكون السين. وبضمهما، وبفتحهما. وإحساناً، وكرهاً، بالفتح والضم، وهما لغتان في معنى المشقة، كالفقر والفقر. وانتصابه على الحال: أي: ذات كره. أو على أنه صفة للمصدر، أي: حملاً ذا كُرهٍ { وَحَمْلُهُ وَفِصَـٰلُهُ } ومدّة حمله وفصاله { ثَلََٰثُونَ شَهْراً } وهذا دليل على أن أقل الحمل ستة أشهر؛ لأن مدّة الرضاع إذا كانت حولين لقوله عز وجل:
{ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ } [البقرة: 233] بقيت للحمل ستة أشهر. وقرىء: «وفصله» والفصل والفصال: كالفطم والفطام. بناء ومعنى. فإن قلت: المراد بيان مدّة الرضاع لا الفطام، فكيف عبر عنه بالفصال؟ قلت: لما كان الرضاع يليه الفصال ويلابسه لأنه ينتهي به ويتم: سمى فصالاً، كما سمي المدّة بالأمد من قال:كُلُّ حَيٍّ مُسْتَكْمِلٌ مُدَّةَ الْعُمْـــ ـــرِ وَمُودٍ إِذَا ٱنْتَهَى أَمَدُهْ
وفيه فائدة وهي الدلالة على الرضاع التام المنتهى بالفصال ووقته. وقرىء: «حتى إذا استوى وبلغ أشدّه» وبلوغ الأشد: أن يكتهل ويستوفي السنّ التي تستحكم فيها قوّته وعقله وتمييزه، وذلك إذا أناف على الثلاثين وناطح الأربعين. وعن قتادة: ثلاث وثلاثون سنة، ووجهه أن يكون ذلك أوّل الأشد، وغايته الأربعين. وقيل: لم يبعث نبيّ قط إلا بعد أربعين سنة. والمراد بالنعمة التي استوزع الشكر عليها: نعمة التوحيد والإسلام، وجمع بين شكري النعمة عليه وعلى والديه؛ لأن النعمة عليهما نعمة عليه. وقيل في العمل المرضي: هو الصلوات الخمس. فإن قلت: ما معنى (في) في قوله: { وَأَصْلِحْ لِى فِى ذُرّيَّتِىٱ }؟ قلت: معناه: أن يجعل ذريّته موقعاً للصلاح ومظنة له كأنه قال: هب لي الصلاح في ذرّيتي وأوقعه فيهم ونحوه:يَجْرَحُ فِي عَرَاقِيبِهَا نَصْلِي
{ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } من المخلصين. وقرىء: «يتقبل» ويتجاوز، بفتح الياء، والضمير فيهما لله عز وجل. وقرئا بالنون. فإن قلت: ما معنى قوله: { فِى أَصْحَـٰبِ ٱلْجَنَّةِ }؟ قلت: هو نحو قولك: أكرمني الأمير في ناس من أصحابه، تريد: أكرمني في جملة من أكرم منهم، ونظمني في عدادهم، ومحله النصب على الحال، على معنى: كائنين في أصحاب الجنة ومعدودين فيهم { وَعْدَ ٱلصِّدْقِ } مصدر مؤكد؛ لأن قوله: يتقبل، ويتجاوز: وعد من الله لهم بالتقبل والتجاوز. وقيل: نزلت في أبي بكر رضي الله عنه وفي أبيه أبي قحافة وأمّه أم الخير وفي أولاده، واستجابة دعائه فيهم. وقيل: لم يكن أحد من الصحابة من المهاجرين منهم والأنصار أسلم هو وولداه وبنوه وبناته غير أبي بكر رضي الله عنه.