{ وَٱلَّذِى قَالَ لِوٰلِدَيْهِ } مبتدأ خبره: أولئك الذين حق عليهم القول. والمراد بالذي قال: الجنس القائل ذلك القول، ولذلك وقع الخبر مجموعاً. وعن الحسن: هو في الكافر العاق لوالديه المكذب بالبعث. وعن قتادة: هو نعت عبد سوء عاق لوالديه فاجر لربه. وقيل: نزلت في عبد الرحمٰن بن أبي بكر قبل إسلامه وقد دعاه أبوه أبو بكر وأمّه أمّ رومان إلى الإسلام، فأفف بهما وقال: ابعثوا لي جدعان بن عمرو وعثمان بن عمرو، وهما من أجداده حتى أسألهما عما يقول محمد، ويشهد لبطلانه أن المراد بالذي قال: جنس القائلين ذلك، وأنّ قوله الذين حق عليهم القول: هم أصحاب النار، وعبد الرحمٰن كان من أفاضل المسلمين وسرواتهم. وعن عائشة رضي الله عنها إنكار نزولها فيه، وحين كتب معاوية إلى مروان بأن يبايع الناس ليزيد قال عبد الرحمٰن:
(1028) لقد جئتم بها هرقلية، أتبايعون لأبنائكم؟ فقال مروان: يا أيها الناس، هو الذي قال الله فيه: { وَٱلَّذِى قَالَ لِوٰلِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ } فسمعت عائشة فغضبت وقالت: والله ما هو به، ولو شئت أن أسميه لسميته ولكن الله لعن أباك وأنت في صلبه، فأنت فضـض من لعنة الله. وقرىء: «أف» بالكسر والفتح بغير تنوين، وبالحركات الثلاث مع التنوين، وهو صوت إذا صوت به الإنسان علم أنه متضجر، كما إذا قال: حس، علم منه أنه متوجع، واللام للبيان، معناه: هذا التأفيف لكما خاصة، ولأجلكما دون غيركما. وقرىء «أتعدانني» بنونين. وأتعداني: بأحدهما. وأتعداني: بالإدغام. وقد قرأ بعضهم: أتعدانني بفتح النون، كأنه استثقل اجتماع النونين والكسرتين والياء، ففتح الأولى تحرياً للتخفيف، كما تحراه من أدغم ومن أطرح أحدهما { أَنْ أُخْرَجَ } أن أُبعث وأخرج من الأرض. وقرىء: «أخرج» { وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِى } يعني: ولم يبعث منهم أحد { يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ } يقولان: الغياث بالله منك ومن قولك، وهو استعظام لقوله: { وَيْلَكَ } دعاء عليه بالثبور: والمراد به الحث والتحريض على الإيمان لا حقيقة الهلاك { فِى أُمَمٍ } نحو قوله:
{ { فِى أَصْحَـٰبِ ٱلْجَنَّةِ } [الأحقاف: 16] وقرىء: «أن» بالفتح، على معنى: آمن بأن وعد الله حق.