{ ٱلشَّيْطَـٰنُ سَوَّلَ لَهُمْ } جملة من مبتدأ وخبر وقعت خبراً لأنّ، كقولك: إنّ زيداً عمرو مرّ به. سوّل لهم: سهل لهم ركوب العظائم، من السول وهو الاسترخاء، وقد اشتقه من السؤل من لا علم له بالتصريف والاشتقاق جميعاً { وَأَمْلَىٰ لَهُمْ } ومدّ لهم في الآمال والأماني. وقرىء: «وأملى لهم» يعني: إنّ الشيطان يغويهم وأنا أنظرهم، كقوله تعالى:
{ { إنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ } [آل عمران: 178] وقرىء: «وأملى لهم» على البناء للمفعول، أي: أمهلوا ومدّ في عمرهم. وقرىء: «سوّل لهم»، ومعناه: كيد الشيطان زين لهم على تقدير حذف المضاف. فإن قلت: من هؤلاء؟ قلت: اليهود كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم من بعد ما تبين لهم الهدى، وهو نعته في التوراة. وقيل: هم المنافقون. الذين قالوا: هم اليهود، والذين كرهوا ما نزل الله: المنافقون. وقيل عكسه، وأنه قول المنافقين لقريظة والنضير: لئن أخرجتم لنخرجنّ معكم. وقيل: { بَعْضِ ٱلأَمْرِ }: التكذيب برسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بلا إلٰه إلا الله، أو ترك القتال معه. وقيل: هو قول أحد الفريقين للمشركين: سنطيعكم في التظافر على عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم والقعود عن الجهاد معه. ومعنى: { فِى بَعْضِ ٱلأَمْرِ } في بعض ما تأمرون به. أو في بعض الأمر الذي يهمكم { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ } وقرىء: «إسرارهم» على المصدر، قالوا ذلك سراً فيما بينهم، فأفشاه الله عليهم. فكيف يعملون وما حيلتهم حينئذٍ؟ وقرىء: «توفاهم» ويحتمل أن يكون ماضياً، ومضارعاً قد حذفت إحدى تاءيه، كقوله تعالى: { { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّـٰهُمُ ٱلْمَلَـئِكَةُ } [النساء: 97]. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: لا يتوفى أحد على معصية الله إلا يضرب من الملائكة في وجهه ودبره { ذَلِكَ } إشارة إلى التوفي الموصوف { مَآ أَسْخَطَ ٱللَّهَ } من كتمان نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. و{ رِضْوَانَهُ }: الإيمان برسول الله.