التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرْتَدُّواْ عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَى ٱلشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ
٢٥
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ ٱلأَمْرِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ
٢٦
فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ
٢٧
ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱتَّبَعُواْ مَآ أَسْخَطَ ٱللَّهَ وَكَرِهُواْ رِضْوَٰنَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ
٢٨
-محمد

{ ٱلشَّيْطَـٰنُ سَوَّلَ لَهُمْ } جملة من مبتدأ وخبر وقعت خبراً لأنّ، كقولك: إنّ زيداً عمرو مرّ به. سوّل لهم: سهل لهم ركوب العظائم، من السول وهو الاسترخاء، وقد اشتقه من السؤل من لا علم له بالتصريف والاشتقاق جميعاً { وَأَمْلَىٰ لَهُمْ } ومدّ لهم في الآمال والأماني. وقرىء: «وأملى لهم» يعني: إنّ الشيطان يغويهم وأنا أنظرهم، كقوله تعالى: { { إنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ } [آل عمران: 178] وقرىء: «وأملى لهم» على البناء للمفعول، أي: أمهلوا ومدّ في عمرهم. وقرىء: «سوّل لهم»، ومعناه: كيد الشيطان زين لهم على تقدير حذف المضاف. فإن قلت: من هؤلاء؟ قلت: اليهود كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم من بعد ما تبين لهم الهدى، وهو نعته في التوراة. وقيل: هم المنافقون. الذين قالوا: هم اليهود، والذين كرهوا ما نزل الله: المنافقون. وقيل عكسه، وأنه قول المنافقين لقريظة والنضير: لئن أخرجتم لنخرجنّ معكم. وقيل: { بَعْضِ ٱلأَمْرِ }: التكذيب برسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بلا إلٰه إلا الله، أو ترك القتال معه. وقيل: هو قول أحد الفريقين للمشركين: سنطيعكم في التظافر على عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم والقعود عن الجهاد معه. ومعنى: { فِى بَعْضِ ٱلأَمْرِ } في بعض ما تأمرون به. أو في بعض الأمر الذي يهمكم { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ } وقرىء: «إسرارهم» على المصدر، قالوا ذلك سراً فيما بينهم، فأفشاه الله عليهم. فكيف يعملون وما حيلتهم حينئذٍ؟ وقرىء: «توفاهم» ويحتمل أن يكون ماضياً، ومضارعاً قد حذفت إحدى تاءيه، كقوله تعالى: { { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّـٰهُمُ ٱلْمَلَـئِكَةُ } [النساء: 97]. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: لا يتوفى أحد على معصية الله إلا يضرب من الملائكة في وجهه ودبره { ذَلِكَ } إشارة إلى التوفي الموصوف { مَآ أَسْخَطَ ٱللَّهَ } من كتمان نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. و{ رِضْوَانَهُ }: الإيمان برسول الله.