التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ
١٦

الوسوسة: الصوت الخفي. ومنها: وسواس الحلى. ووسوسة النفس: ما يخطر ببال الإنسان ويهجس في ضميره من حديث النفس. والباء مثلها في قولك: صوت بكذا وهمس به. ويجوز أن تكون للتعدية والضمير للإنسان، أي: ما تجعله موسوساً، وما مصدرية، لأنهم يقولون: حدّث نفسه بكذا، كما يقولون: حدثته به نفسه. قال:

وَاكْذِبِ النَّفْسَ إِذَا حَدَّثْتَهَا

{ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ } مجاز، والمراد: قرب علمه منه، وأنه يتعلق بمعلومه منه ومن أحواله تعلقاً لا يخفى عليه شيء من خفياته، فكأنه ذاته قريبة منه، كما يقال: الله في كل مكان، وقد جل عن الأمكنة. وحبل الوريد: مثل في فرط القرب، كقولهم: هو مني مقعد القابلة ومعقد الإزار. وقال ذو الرمة:

وَالْمَوْتُ أَدْنَى لي مِنَ الْوَرِيدِ

والحبل: العرق، شبه بواحد الحبال، ألا ترى إلى قوله:

كَأَنْ وَرِيدَيْهِ رشاءا خُلُبِ

والوريدان: عرقان مكتنفان لصفحتي العنق في مقدمهما متصلان بالوتين، يردان من الرأس إليه. وقيل: سمي وريداً لأنّ الروح ترده. فإن قلت: ما وجه إضافة الحبل إلى الوريد، والشيء لا يضاف إلى نفسه؟ قلت: فيه وجهان، أحدهما: أن تكون الإضافة للبيان، كقولهم: بعير سانية. والثاني: أن يراد حبل العاتق فيضاف إلى الوريد، كما يضاف إلى العاتق لاجتماعهما في عضو واحد» كما لو قيل: حبل العلياء مثلاً.