التفاسير

< >
عرض

قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ
٢٨
مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ
٢٩

{ قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ } استئناف مثل قوله: { { قَالَ قرِينُهُ } [ق: 27] كأن قائلاً قال: فماذا قال الله؟ فقيل: قال لا تختصموا. والمعنى: لا تختصموا في دار الجزاء وموقف الحساب، فلا فائدة في اختصامكم ولا طائل تحته، وقد أوعدتكم بعذابي على الطغيان في كتبي وعلى ألسنة رسلي، فما تركت لكم حجة عليَّ، ثم قال: لا تطمعوا أن أبدل قولي ووعيدي فأعفيكم عما أوعدتكم به { وَمَا أَنَاْ بِظَلَّـٰمٍ لّلْعَبِيدِ } فأعذب من ليس بمستوجب للعذاب. والباء في { بِٱلْوَعِيدِ } مزيدة مثلها في { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ } أو معدية، على أن «قدّم» مطاوع بمعنى «تقدّم» ويجوز أن يقع الفعل على جملة قوله: { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَىَّ وَمَآ أَنَاْ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ } ولأن { بالوعيد } حالاً، أي: قدّمت إليكم هذا ملتبساً بالوعيد مقترناً به. أو قدّمته إليكم موعداً لكم به. فإن قلت: إنّ قوله: { وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم } واقع موقع الحال من { لاَ تَخْتَصِمُواْ } والتقديم بالوعيد في الدنيا والخصومة في الآخرة واجتماعها في زمان واحد واجب. قلت: معناه ولا تختصموا وقد صح عندكم أني قدمت إليكم بالوعيد، وصحة ذلك عندهم في الآخرة، فإن قلت: كيف قال: { بِظَلَّـٰمٍ } على لفظ المبالغة؟ قلت: فيه وجهان، أحدهما: أن يكون من قولك: هو ظالم لعبده، وظلام لعبيده. والثاني: أن يراد لو عذبت من لا يستحق العذاب لكنت ظلاماً مفرط الظلم. فنفى ذلك.