{ ءَاخِذِينَ مآ ءَاتَـٰهُمْ رَبُّهُمْ } قابلين لكل ما أعطاهم راضين به، يعني أنه ليس فيما آتاهم إلا ما هو ملتقي بالقبول مرضي غير مسخوط، لأن جميعه حسن طيب. ومنه قوله تعالى:
{ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَـٰتِ } [التوبة: 104] أي يقبلها ويرضاها { مُحْسِنِينَ } قد أحسنوا أعمالهم، وتفسير إحسانهم ما بعده { مَا } مزيدة. والمعنى: كانوا يهجعون في طائفة قليلة من الليل إن جعلت قليلاً ظرفاً، ولك أن تجعله صفة للمصدر، أي: كانوا يهجعون هجوعاً قليلاً. ويجوز أن تكون { مَا } مصدرية أو موصولة؛ على: كانوا قليلاً من الليل هجوعهم، أو ما يهجعون فيه، وارتفاعه بقليلاً على الفاعلية. وفيه مبالغات لفظ الهجوع، وهو الفرار من النوم. قال:قَدْ حَصَتِ الْبَيْضَةُ رَأْسِي فَمَا أَطْعَمُ نَوْماً غَيْرَ تَهْجَاعِ
وقوله: { قَلِيلاً } و{ مِّنَ ٱلَّيْلِ } لأن الليل وقت السبات والراحة، وزيادة { مَا } المؤكدة لذلك: وصفهم بأنهم يحيون الليل متهجدين، فإذا أسحروا أخذوا في الاستغفار، كأنهم أسلفوا في ليلهم الجرائم. وقوله: { هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } فيه أنهم هم المستغفرون الأحقاء بالاستغفار دون المصرّين، فكأنهم المختصون به لاستدامتهم له وإطنابهم فيه. فإن قلت: هل يجوز أن تكون ما نافية كما قال بعضهم، وأن يكون المعنى: أنهم لا يهجعون من الليل قليلاً، ويحيونه كله؟ قلت: لا، لأن ما النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها. تقول: زيداً لم أضرب، ولا تقول: زيداً ما ضربت: السائل: الذي يستجدي { وَٱلْمَحْرُومِ } الذي يحسب غنياً فيحرم الصدقة لتعففه. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: (1089)
"ليس المسكين الذي تردّه الأكلة والأكلتان واللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان" قالوا: فما هو؟ قال: «الذي لا يجد ولا يتصدق عليه» وقيل: الذي لا ينمى له مال. وقيل: المحارف الذي لا يكاد يكسب.