التفاسير

< >
عرض

وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ
٧
إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ
٨
يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ
٩
-الذاريات

{ ٱلْحُبُكِ } الطرائق، مثل حبك الرمل والماء: إذا ضربته الريح، وكذلك حبك الشعر: آثار تثنيه وتكسره. قال زهير:يصف غديراً

مُكَلَّلٌ بِأُصُولِ النَّجْمِ تَنْسِجُهُ رِيحٌ خَرِيقٌ لِضَاحِي مَائِهِ حُبُكُ

والدرع محبوكة: لأنّ حلقها مطرق طرائق. ويقال: إنّ خلقه السماء كذلك. وعن الحسن: حبكها نجومها. والمعنى: أنها تزينها كما تزين الموشى طرائق الوشي. وقيل: حبكها صفاتها وإحكامها، من قولهم: فرس محبوك المعاقم؛ أي محكمها. وإذا أجاد الحائك الحياكة قالوا: ما أحسن حبكه، وهو جمع حباك، كمثال ومثل. أو حبيكة، كطريقة وطرق. وقرىء: «الحبك» بوزن القفل. والحبك، بوزن السلك. والحبك، بوزن الجبل. والحبك بوزن البرق. والحبك بوزن النعم. والحبك بوزن الإبل { إِنَّكُمْ لَفِى قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } قولهم في الرسول: ساحر وشاعر ومجنون، وفي القرآن: شعر وسحر وأساطير الأوّلين. وعن الضحاك: قول الكفرة لا يكون مستوياً، إنما هو متناقض مختلف. وعن قتادة: منكم مصدّق ومكذب، ومقرّ ومنكر { يُؤْفَكُ عَنْهُ } الضمير للقرآن أوللرسول، أي: يصرف عنه، من صرف الصرف الذي لا صرف أشد منه وأعظم؛ كقوله: لا يهلك على الله إلا هالك. وقيل: يصرف عنه من صرف في سابق علم الله، أي: علم فيما لم يزل أنه مأفوك عن الحق لا يرعوى. ويجوز أن يكون الضمير لما توعدون أو للدين: أقسم بالذاريات على أن وقوع أمر القيامة حق، ثم أقسم بالسماء على أنهم في قول مختلف في وقوعه، فمنهم شاكّ، ومنهم جاحد. ثم قال: يؤفك عن الإقرار بأمر القيامة من هو المأفوك. ووجه آخر: وهو أن يرجع الضمير إلى قول مختلف وعن مثله في قوله:

يَنْهَوْنَ عَنْ أَكْلٍ وَعَنْ شُرْبِ

أي: يتناهون في السمن بسبب الأكل والشرب. وحقيقته: يصدر تناهيهم في السمن عنهما، وكذلك يصدر إفكهم عن القول المختلف. وقرأ سعيد بن جبير «يؤفك عنه» من أفك»، على البناء للفاعل. أي: من أفك الناس عنه وهم قريش، وذلك أنّ الحيّ كانوا يبعثون الرجل ذا العقل والرأي ليسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون له: احذره، فيرجع فيخبرهم. وعن زيد بن عليّ: يأفك عنه من أفك، أي: يصرف الناس عنه من هو مأفوك في نفسه. وعنه أيضاً: يأفك عنه من أفك؛ أي: يصرف الناس عنه من هو أفاك كذاب. وقرىء: «يؤفن عنه من أفن» أي: يحرمه من رحم، من أفن الضرع إذا نهكه حلباً.