{ مّنَ ٱلأنبَاءِ } من القرآن المودع أنباء القرون الخالية أو أنباء الآخرة، وما وصف من عذاب الكفار { مُزْدَجَرٌ } ازدجار أو موضع ازدجار. والمعنى: هو في نفسه موضع الازدجار ومظنة له، كقوله تعالى:
{ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } [الأحزاب: 21] أي هو أسوة. وقرىء: «مزجر» بقلب تاء الإفتعال زايا وإدغام الزاي فيها { حِكْمَةٌ بَـٰلِغَةٌ } بدل من ما. أو على: هو حكمة. وقرىء بالنصب حالاً من ما. فإن قلت: إن كانت ما موصولة ساغ لك أن تنصب حكمة حالا، فكيف تعمل إن كانت ما موصولة ساغ لك أن تنصب كلمة حالاً،فكيف تعمل إن كانت موصوفة؟ وهو الظاهر. قلت: تخصصها الصفة؛ فيحسن نصب الحال عنها { فَمَا تُغْنِـى ٱلنُّذُرُ } نفي أو إنكار. وما منصوبة،أي فأي غناء تغني النذر { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } لعلمك أن الإنذار لا يغني فيهم. نصب { يَوْمَ يَدْعُو ٱلدَّاعِىَ } بيخرجون، أو بإضمار اذكر. وقرىء: بإسقاط الياء اكتفاء بالكسرة عنها، والداعي إسرافيل أو جبريل، كقوله تعالى: { { يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ } [ق: 41] { إِلَىٰ شَىْء نُّكُرٍ } منكر فظيع تنكره النفوس لأنها لم تعهد بمثله وهو هول يوم القيامة. وقرىء: «نكر» بالتخفيف؛ ونكر بمعنى أنكر { خُشَّعاً أَبْصَـٰرُهُمْ } حال من الخارجين فعل للأبصار وذكر، كماتقول: يخشع أبصارهم. وقرى: «خاشعة» على: تخشع أبصارهم. وخشعاً، على: يخشعن أبصارهم، وهي لغة من يقول: أكلوني البراغيث، وهم طيء. ويجوز أن يكون في { خُشَّعاً } ضميرهم، وتقع { أَبْصَـٰرَهُمْ } بدلاً عنه. وقرىء «خشع أبصارهم»، على الابتداء والخبر، ومحل الجملة النصب على الحال. كقوله:وَجَدْتُهُ حاضِرَاهُ الْجُودُ وَالْكَرَمُ
وخشوع الأبصار: كناية عن الذلة والانخزال، لأن ذلة الذليل وعزة العزيز تظهران في عيونهما. وقرىء: «يخرجون من الأجداث» من القبور { كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ } الجراد مثل في الكثرة والتموّج. يقال في الجيش الكثير المائج بعضه في بعض: جاؤا كالجراد، وكالدبا منتشر في كل مكان لكثرته { مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ } مسرعين مادّي أعناقهم إليه. وقيل: ناظرين إليه لا يقلعون بأبصارهم. قال:تَعَبَّدَنِي نِمْرُ بْنُ سَعْدِ وَقَدْ أَرَى وَنِمْرُ بْنُ سَعْدٍ لِي مُطِيعٌ وَمُهْطِعُ