{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا } يعني الملائكة إلى الأنبياء { بِٱلْبَيِّنَـٰتِ } بالحجج والمعجزات { وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ } أي الوحي { وَٱلْمِيزَانَ } روى أنّ جبريل عليه السلام نزل بالميزان فدفعه إلى نوح وقال: مر قومك يزنوا به { وَأَنزْلْنَا ٱلْحَدِيدَ } قيل: نزل آدم من الجنة ومعه خمسة أشياء من حديد: السندان، والكلبتان، والميقعة والمطرقة، والإبرة. وروى: ومعه المرّ والمسحاة. وعن النبي صلى الله عليه وسلم:
(1132)
"أنّ الله تعالى أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض: أنزل الحديد، والنار، والماء، والملح" . وعن الحسن { وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ }: خلقناه، كقوله تعالى: { وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ ٱلأَنْعَـٰمِ } [الزمر: 60] وذلك أنّ أوامره تنزل من السماء وقضاياه وأحكامه { فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ } وهو القتال به { وَمَنَـٰفِعُ لِلنَّاسِ } في مصالحهم ومعايشهم وصنائعهم، فما من صناعة إلا والحديد آلة فيها؛ أو ما يعمل بالحديد { وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ } باستعمال السيوف والرماح وسائر السلاح في مجاهدة أعداء الدين { بِٱلْغَيْبِ } غائباً عنهم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ينصرونه ولا يبصرونه { إِنَّ ٱللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ } غني بقدرته وعزته في إهلاك من يريد هلاكه عنهم، وإنما كلفهم الجهاد لينتفعوا به ويصلوا بامتثال الأمر فيه إلى الثواب.