{ تَفَسَّحُواْ فِى ٱلْمَجَـٰلِسِ } توسعوا فيه وليفسح بعضكم عن بعض، من قولهم: أفسح عني، أي: تنحّ؛ ولا تتضامّوا. وقرى: «تفاسحوا» والمراد: مجلس رسول الله، وكانوا يتضامّون فيه تنافساً على القرب منه، وحرصاً على استماع كلامه، وقيل: هو المجلس من مجالس القتال، وهي مراكز الغزاة، كقوله تعالى:
{ { مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ } [آل عمران: 121] وقرىء: «في المجالس» قيل: كان الرجل يأتي الصف فيقول: تفسحوا، فيأبون لحرصهم على الشهادة. وقرىء: «في المجلس» بفتح اللام: وهو الجلوس، أي: توسعوا في جلوسكم ولا تتضايقوا فيه { يَفْسَحِ ٱللَّهُ لَكُمْ } مطلق في كل ما يبتغي الناس الفسحة فيه من المكان والرزق والصدر والقبر وغير ذلك { ٱنشُزُواْ } انهضوا للتوسعة على المقبلين. أو انهضوا عن مجلس رسول الله إذا أمرتم بالنهوض عنه، ولا تملوا رسول الله بالارتكاز فيه: أو انهضوا إلى الصلاة والجهاد وأعمال الخير إذا استنهضتم، ولا تثبطوا ولا تفرطوا { يَرْفَعِ ٱللَّهُ } المؤمنين بامتثال أوامره وأوامر رسوله، والعالمين منهم خاصة { دَرَجَـٰتٍ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ } قرىء: بالتاء والياء. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنه كان إذا قرأها قال يا أيها الناس افهموا هذه الآية ولترغبكم في العلم. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: (1141)
"بين العالم والعابد مائة درجة بين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة" . وعنه عليه السلام: (1142)
"فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب" وعنه عليه السلام: (1143)
"يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء ثم العلماء، ثم الشهداء" فأعظم بمرتبة هي واسطة بين النبوّة والشهادة بشهادة رسول الله. وعن ابن عباس: خيّر سليمان بين العلم والمال والملك، فاختار العلم فأعطى المال والملك معه. وقال عليه السلام: (1144)
"أوحى الله إلى إبراهيم، يا إبراهيم، إني عليم أحب كل عليم" وعن بعض الحكماء: ليت شعري أي شيء أدرك من فاته العلم، وأي شيء فات من أدرك العلم، وعن الأحنف: كاد العلماء يكونون أرباباً، وكل عز لم يوطد بعلم فإلى ذل ما يصير. وعن الزبيري العلم ذكر فلا يحبه إلا ذكورة الرجال.